للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا انتساب فيه إلى معصية؛ فإن كان الإنسان مع آخر بحيث يتمنى له كلَّ سوء [ويريد] (١) له كلَّ شر، ويحزن بمسرته، ويشمت بمصائبه، ولا فسق، فهذه العداوة توجب رد شهادته على عدوه. وقد لا يكون ذلك الإنسان عدواً، فالنظر إلى معاداة الشاهد إياه، وإن كانت العداوة مترتبة على فسق، فالشهادة مردودة عموما للناس وعليهم.

ولم يختلف أصحابنا في أن الصداقة لا توجب رد الشهادة، ولو طرد الطارد القياس الذي يبتدره الوهم بجعل الصداقة ضد العداوة، وقال: شهادة الصديق للصديق مردودة. وهي عليه مقبولة، كما أن شهادة العدو مردودة، وهي له مقبولة، ولكن الفرق أن الصديق الصدوق إذا كان عدلاً لا يحب لصديقه إلا ما يحب لنفسه، والعدل الرضا لا يؤثر لنفسه إلا الخير، فالصداقة تحمل على طلب الخير [للصديق] (٢)، والعداوة تحمل على طلب الشر للعدو.

ولم يختلف العلماء في أن شهادة المخاصِم مردودة على المخاصَم، وشهادة المخاصَم ليست مردودة على المخاصِم، وسبب ذلك أن شهادة المخاصَم لو كانت مردودة على من يخاصمه، لصار ذلك ذريعة في إبطال كل شهادة، حتى يقال: كل من يهم بإقامة شهادة على شخص، فينشىء ذلك الشخص خصومة مع الذي يشهد، فيرد شهادته، فحسمنا هذا الباب.

١٢١٢٨ - ثم قال: " ولا لولد بنيه وولد بناته ... إلى آخره " (٣).


= الفارسية بمعنى: طبعي جبلّي. وفي المخطوطة الأخرى للبسيط: (قديم) والله أعلم بالصواب، وإن كنت أرجح أنها (قُدْرَتي) وأن ما في المخطوطة الأخرى من البسيط تصرف من الناسخ، ولكن يبقى في النفس شيء من استخدام هذه الكلمة (العربية الأصل) من الإمام بهذه الطريقة، فإن ساغ استعمال ألفاظ غير عربية في أسماء الآلات والأشياء والحرف، وتصوير بعض المسائل على ألسنة الناس - فكيف يسوغ في هذه الجملة، والله سبحانه أعلم باللفظ الذي وضعه الإمام فعلاً.
(١) في الأصل: " ويردّ ".
(٢) في الأصل: " بالصديق ".
(٣) ر. المختصر: السابق نفسه.