للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كل شخصين بينهما قرابة توجب النفقة عند فرض الإعسار في جانب واليسار في جانب، فشهادة أحدهما مردودة للثاني مقبولة عليه، هذا هو المذهب.

وللشافعي رضي الله عنه قول في القديم أن شهادة كل واحد منهما مقبولة للثاني وعليه.

وقال مالك (١) شهادة الوالد للولد لا تقبل. وشهادة الولد للوالد تقبل. ومذهب الشافعي في القديم قبول الشهادة من الجانبين.

وكل قرابة لا توجب النفقة، لا تتضمن رد الشهادة.

وأبو حنيفة (٢) أوجب النفقة بالأخوة، وما في معناها، ولم يردّ الشهادة بها.

أما شهادة الزوج لزوجته، وشهادة الزوجة لزوجها، فقد أجراها الأصحاب مجرى القول في القطع عند السرقة.

ففي المسألة إذاً ثلاثة أقوال:

أحدها - قبول الشهادة من الجانبين.


(١) بالبحث شبه المستقصي لكتب المالكية لم نجد من يقول بهذا الذي نسبه إمام الحرمين لمالك، ففي المدونة (٤/ ٨٠): " قال مالك: لا تجوز شهادة الأب لابنه، ولا شهادة الابن لأبيه " ا. هـ ومثل هذا في الكافي: ٤٦١، الإشراف للقاضي عبد الوهاب: ٢/ ٩٧٢ مسألة: ١٩٦٣، الشرح الصغير: ٤/ ٢٤٤، شرح الحطاب: ٦/ ١٥٤، حاشية الدسوقي: ٤/ ١٦٨، شرح زروق: ٢/ ٢٨٤، البهجة شرح التحفة: ١/ ٩٦، شرح الخرشي: ٧/ ١٧٩، منح الجليل لعليش: ٨/ ٣٩٨.
بل أبعد من هذا، وجدنا من المالكية من يستنكر نسبة هذا القول إليهم ويعدّه وهماً من ناقله، ففي شرح الحطاب نقلاً عن المازري: " وذكر بعض متأخري الشافعية عن مالك قبول شهادة الولد لأبيه دون الأب لابنه، وهو حكاية مستنكرة عند المالكية وربما كانت وهماً من ناقلها " ا. هـ ومثله عند زروق.
ولكن، يبدو أن ذلك كان معروفاً فعلاً منسوباً إلى الإمام مالك، فليس الشافعية وحدهم الذين نسبوا هذا القول إلى مالك، فقد وجدنا السرخسي في المبسوط يقول: " ويخالفنا في الولد والوالد مالك رحمه الله، فهو يجوز شهادة كل واحد منهما لصاحبه، بالقياس على شهادة كل واحد منهما على صاحبه " ا. هـ (المبسوط: ١٦/ ١٢١). فلعله كان قولاً معروفاً عند المالكية، ثم هُجر واستنكروه، واستنكروا نسبته إليهم. والله أعلم.
(٢) ر. مختصر اختلاف العلماء: ٣/ ٣٧٢ مسألة ١٥١١، المبسوط: ١٦/ ١٢٢.