ثم ذكروا وجهين في أن هذه الأذكار تتعين أم لا. وتعينها بعيد عندنا.
٨٢٧ - فأما إذا كان يحسن بعض الفاتحة، فيلزم الإتيانُ بما يحسنه، فإن كان من صدر الفاتحة أتى به أولاً، ثم أتى بالبدل عما لا يحسنه. وإن كان يحسن النصفَ الأخير، فيلزمه أن يأتيَ بالبدل أولاً. ثم يأتي بما يحسن، ورعاية الترتيب في هذا واجب، اتفق عليه أئمتنا. وليس علّةُ الترتيب في هذا علةَ الترتيب في تلاوة الفاتحة في حق من يحسنها؛ فإن الترتيب يراعى في قراءة الفاتحة محافظةً على نظمها، وليس بين الأذكار التي قُدّرت بدلاً عن النصف الأول، وبين النصف الثاني انتظام. ولكن هذا الترتيب يُتلقى من اشتراط الترتيب في أركان الصلاة؛ فعليه فرض قبل النصف الثاني، فليُقِمه. ثم ليأتِ بالنصف الثاني. ويجوز أن يقال: يأخذ البدلُ حكمَ المبدل، والترتيب شرط في فاتحة الكتاب لعينها، فنزل بدل النصف الأول منزلته في رعاية ترتيب النصف الآخر عليه.
فهذه قواعد المذهب في الفاتحة: ونحن نرسم بعدها فروعاً تستوعب ما شذّ، وتقرّر القواعد.
فرع:
٨٢٨ - الأمي إذا تعلم الفاتحة في أثناء الركعة، نُظِر، فإن تعلَّمها قبل أن يخوض في البدل، فعليه قراءة الفاتحة، وإن فرغ من البدل ولم يركع بعدُ، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه يلزمه قراءة الفاتحة؛ فإن وقت القراءة ومحلها باقٍ قائم.
والثاني - لا يلزم؛ لأن البدل قد تم، وسقط الفرض فيه، فلا معنى لعود الفرض بعد سقوطه، وهو كما لو أتى من لزمته الكفارة بالبدل، فلا أثرَ لوجود المبدل.
والقائل الأول يقول: كون الأذكار بدلاً ووقوعها كذلك يتوقف على انقضاء القيام؛ فإن من كان يُحسن الفاتحة قد يُوقع أذكاراً قبل القراءة، فلا يتبين وقوع الذكر بدلاً إلاّ عند الاكتفاء [به](١) والتلبس بالركوع، والصيام الواقع بدلاً في الكفارة مصروف بالنية إليها. وآحاد الأذكار لا تتناوله النية تخصيصاً.