للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨٢٩ - ومما يتعلق بهذا، أن الأمي إذا افتتح الصلاة، وقصد إقامة دعاء الافتتاح بدلاً عن الفاتحة، فإنه يقوم مقامها. ولو قصد أن يقع مسنُوناً كما شُرع، فيجب القطع بأن الفرض لا يسقط والقصدُ كما ذكرناه؛ فليأتِ عن الفاتحة ببدلٍ.

ولو أتى بأذكار سوى دعاء الاستفتاح، ولم يقصد إقامتها بدلاً، فقد تردد صاحب التقريب في هذا، وهو محتمل (١ حسن. والذي ذكرته من تعليل أحد الوجهين في أول هذا الفرع يشير إلى هذا، فإني قلت: لا يقع الذكر في عينه بدلاً إلا بانقضاء وقته ١)، فلا يمتنع أن يقال: لا بدّ من قصد في إيقاعه بدلاً.

٨٣٠ - ولو اشتغل بالذكر، ولم ينقضِ بعدُ، حتى تعلم الفاتحة، فالأصحّ الذي يجب القطع به أنه يجب قراءة الفاتحة.

وأبعد بعض أصحابنا، فقال: لا يجب قراءة الفاتحة؛ فإن الاشتغال بالبدل يُسقِط رعايةَ المُبدل؛ فإن من شرع في صيام الشهرين المتتابعين، ثم وجد الرقبة، لم يلزمه إعتاق الرقبة.

وهذا الوجه أطلقه الناقلون. وهو خطأ صريح عندي؛ فإنا قد ذكرنا أن من كان يحسن نصف الفاتحة، لزمه الإتيان بما يحسن والبدل عما لا يحسن، فالقراءة إذن تتبعض في هذا الحكم، فالوجه القطع بأنه إذا أتى بنصف الأذكار مثلاً، وتعلم الفاتحة، فيتعين الإتيان بالنصف الأخير من الفاتحة وجهاً واحداً، وفي قراءة النصف الأول تردّدٌ، وليس ذلك كالأصل والبدل في الكفارة؛ فإن بعض الرقبة لا يسد مسداً، وهذا واضح.

ولو تعلم الفاتحة بعد الركوع، فلا شك أن تيك الركعة مضت معتدّاً بها.

فرع:

٨٣١ - إذا كرّر فاتحة الكتاب في ركعة مرتين قصداً، فالذي ذهب إليه معظم الأصحاب أن الصلاة لا تبطل وذهب أبو الوليد النيسابوري (٢) إلى أن الصلاة تبطل


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) أبو الوليد النيسابوري: حسان بن محمد بن أحمد بن هارون بن حسان - القرشي الأموي. أحد أئمة الدنيا، تلميذ ابن سريج، مذكور في الروضة في الوتر. توفي سنة ٣٤٩ هـ. (طبقات =