للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهذا، واحتج بأن من زاد في الركعة ركوعا قصداً، بطلت صلاتُه، والقراءة ركنٌ، فإذا تكررت، كان كالرّكوع يكرر، وعدّ الأصحاب هذا من غوامض محالّ الاستفراق (١)، والأمر في ذلك قريب.

فنقول: إنما تبطل الصلاة بزيادة ركوع، من حيث إن ذلك يُظهر خروج الصلاة عن النظم، والذي يوضّح ذلك أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة؛ لأن النظم لا يفسد به ولا يختل، وإذا زيد ركن، ظهر به الاختلال، وإن كان ركوع واحد لا يبلغ مقدار الفعل الذي يُفسد الصلاة لكثرته، ولكن كالفعل الكثير من جهة اختلاف نظم الصلاة به، ونظم الصلاة لا يختلف بتكرير الفاتحة، فلا يؤثر في بطلان الصلاة.

فرع:

٨٣٢ - ذكر العراقيون عن نصّ الشافعي: "أن الأخرس الذي لا ينطق لسانه بالفاتحة، يلزمه أن يحرك لسانه بدلاً عن تحريكه إياه في القراءة، [والتحريك من غير قراءة كالإيماء بالرّكوع والسجود"، وهذا مشكل] (٢) عندي؛ فإن التحريك بمجرده لا يناسب القراءة ولا يدانيها، فإقامته بدلاً بعيدٌ، ثم يلزم على قياس ما ذكروه أن يلزموا التصويت من غير حروف مع تحريك اللسان، وهذا أقرب من التحريك المجرد.

وعلى الجملة، فلست أرى ذلك بدلاً عن القراءة لما ذكرته، ثم إذا لم يكن بدلاً، فالتحريك الكثير يلتحق بالفعل الكثير، على ما سيأتي مشروحاً في الأفعال.

فصل

٨٣٣ - ذكر صاحب التقريب أن المصلي إذا كان في أثناء قراءة الفاتحة، فنوى قطعها عقداً، ولم يقطعها فعلاً، فلا أثر لهذه النية. وليس كما لو نوى قطع الصلاة؛ فإن ذلك يتضمّن قطع نية الصلاة وهي رابطتها، فإذا عمد قطعها بطلت. وهذا ظاهر لا شك فيه، ولكني أحببت نقله منصوصاً.


= الشافعية: ٣/ ٢٢٦، وتهذيب الأسماء واللغات: ٢/ ٢٧١ رقم ٤٤٢).
(١) "الاستفراق": طلب الفرق.
(٢) زيادة من (ت ١)، (ت ٢).