٩٥٥ - ويتصل بذلك من مذهبنا أن المصلي يدعو بما شاء في صلاته، ولا يشترط أن تكون دعوته واردة في الصلاة، أو مأثورة شرعاً في غير الصلاة، ولكن شرطها أن تكون عربية، ولا يكون فيها خطاب آدمي.
وقد ذكرنا أن من عجز عن التكبير العربي أو عن التشهد، فإنه يأتي بمعنى ما عجز عنه بالأعجمية، وذكرنا الآن أنه لا يأتي بدعوة يخترعها بالعجمية.
فأمّا الأذكار المسنونة كتكبيرات الانتقالات، وتسبيحات الركوع والسجود وغيرها، فهل يأتي الأعجمي بمعناها؟ تردد الأئمة فيه، وحاصل التردد في الاحتمالات ثلاثة أوجه: أحدها - المنع؛ فإنها مسنونة، وتركُ لسان العجم حتم.
والثاني - يأتي بمعناها ويقيمها مقام الأذكار العربية.
والثالث - ما يجبر منها بالسجود لو ترك، فيأتي ببدلها بلسانه، وما لا يجبر لا يأتي له ببدل أعجمي.
وكان شيخي يتردد في دعاء مخترع يشتمل على وصفِ مسؤول، مثل أن يقول: اللهم ارزقني جاريةَ صفتها كذا وكذا، ويميل إلى المنع من ذلك، والمصير إلى أنه من المبطلات؛ فإنه ينافي تعظيمَ الصلاة.
وهذا غير سديد، والوجه ألا يمنع منه؛ فإنه قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول أحياناً في قنوته، "اللهم أنج الوليد واشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف"(١) فتسمية الواحد منا في دعائه شخصاً وشيئاًً بمثابة ما صحت الرواية فيه، فأما الأعجمي، فالترتيب فيه أنه لا يأتي بأعجمي مخترع، ويأتي بمعنى ما يجب من الأذكار، وفي معنى ما يسن ولا يجب، ما ذكرناه من الاحتمال.
(١) حديث: اللهم أنج الوليد. متفق عليه من حديث أبي هريرة. (ر. اللؤلؤ والمرجان: ١/ ١٣٣ ح ٣٩٢).