للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعذّر الاحتراز عنه، وهذا أمثل من رعاية اللمعان والظهور؛ فإن ذلك [لا] (١) يستقل بنفسه دون أن يعتبر تعذّر الاحتراز، فإنا سنوضح أن هذا العفو لا يجرى فيما لا يعم وقوع التلطخ به من النجاسات، فإذاً تعذُّر الاحتراز ينبغي أن يتخذ معتبراً في الأصل والتفصيل، وفي تمييز القليل من الكثير.

١٠٥٢ - ثم من سلك هذا المسلك اضطربوا في أن الأمر هل يختلف باختلاف الأماكن والبقاع، وباختلاف الأزمنة، وفصول السنة؟ والذي ذهب إليه المحققون: أن الأمر يختلف باختلاف الأماكن والأزمنة؛ فإن التفاوت بهذه الجهات غالب بيّن، فمن الوفاء برعاية الاحتراز النظر إلى تفاوت الأسباب.

ونقل عن بعض أصحابنا التزامُ التفاوت، ولم يعتبر أقل ما يتوقع في أنقى الأزمنة والأمكنة، ولا أكثرها، ولكن اعتبر وسطاً من الطرفين، وهذا ليس بشيء؛ فإن ضبط هذا الوسط أعسرُ من التزام تتبع الأحوال، فهذا قاعدة الفصل.

١٠٥٣ - ثم الذي أقطع به أن للناس عادةً في غسل الثياب في كل حين، فلا بد من اعتبارها؛ فإن الذي لا يغسل ثوبه الذي يصلي فيه عما يصيبه من لطخٍ سنةً مثلاً، يتفاحش مواقعُ النجاسة من هذه الجهات عليه، وهذا لا شك في وجوب اعتباره.

ومما أتردد فيه أن الثوب السابغ إذا تبددت عليه النجاسةُ فلتفرقها [أثر] (٢) في العفو -فيما أحسب- ولاجتماعها، حتى يكون ظاهراً لامعاً للناظر أثر في وجوب الغسل، سيما على رأي من يرعى في ضبط القلة الظهورَ واللمعان.

وفد نجد في هذا أصلاً قريباً؛ فإن من توالت منه أفعالٌ كثيرة تبطل صلاته، فإن فرقها وتخلل بينها سكينة، لم تبطل صلاته، والاحتمال في هذا ظاهر.

١٠٥٤ - ومما نختم به مواقع الإشكال في ذلك، أنه لو ارتاب المصلي: فلم يدر أن اللطخ الذي به في حد ما يعفى عنه، أو في حد الكثير الذي لا يعفى، فهذا فيه احتمال


(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).
(٢) في الأصل، (ط)، (ت ١): أثراً. ولا أدري له وجهاً، والمثبت من (ت ٢) ثم جاءت بمثلها (ل).