عندي، من جهة أن القليل معفوّ عنه، وقد أشكل أن ما فيه الكلام هل تعدى الحدَّ، أم لا؟ فهذا وجه.
ويجوز أن يقال: الكثير فيما عليه التفريع غيرُ معفوٍّ عنه، وقد أشكل أن الذي فيه الكلام هل هو منحط عن الكثير أم لا؟ والأصل إيجاب إزالة النجاسة.
ويمكن أن يقرب هذا من صلاة المرء وهو ناسٍ للنجاسة، كما سنذكره في آخر الفصل.
ثم يعتضد هذا الكلام بظهور العفو عن النجاسات.
فهذا منتهى الكلام في هذا الطرف.
ثم قال الأئمة: ما ذكرناه من تفصيل العفو في دم الإنسان نفسه وصديده الخارج من بثراته، وفيما يناله من آثار البراغيث.
١٠٥٥ - فأما إذا أصابه دم غيره، فالكثير لا يعفى عنه، وفي القليل وجهان. وهذا وإن اشتهر نقلُه، فلست أرى له وجهاً، والذي يقتضيه قاعدة المذهب القطعُ بإلحاق دم الغير بسائر النجاسات.
وكان شيخي يلحق لطخ الدماميل والقروح -إن كان مثلها يدوم غالباً- بدم الاستحاضة، وإن كان مثله لا يدوم غالباً، [كان يُلحقه](١) بدم أجنبي فيما ذكرناه.
وهذا ظاهر حسن؛ من جهة أن البثرات تكثر، وقد لا يخلو معظم الناس في معظم الأحوال عنها، ولا يكاد يتحقق ذلك في الدماميل والجراحات، وفي المسألة على الجملة احتمال؛ فإن الفصل بين البثرات، وبين الدماميل الصغار عسر، لا يدركه إلا ذَوُو الدراية، وكبارها مما يدوم الابتلاء بها زماناً.
وقد ذكر صاحب التقريب تردداً في هذه الدماميل، وما يخرج من دم الفصد، ومال إلى إلحاقه بدم البراغيث، وصحَّحه على خلاف ما كان يراه الإمام، فاعلم.
فهذا كله تفصيل القول في الدماء، وما في معناها من القيح والصديد؛ فإنه دم حائل.
(١) في الأصل، (ت ١)، (ط): "كان لا يلحقه"، والمثبت من (ت ٢)، وصدقتها (ل).