للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النجاسة، كما سبق التفصيل فيه، في كتاب الطهارة، وفي هذا الباب.

وقد ذكرنا الصفاتِ التي تراعى: من اللون، والطعم، والرائحة.

ومما ذكرناه في الطهارة -والحاجةُ الآن ماسة إلى تجديد العهد به إيماء- غسالة النجاسة إذا انفصلت، وحكمُ طهارتها ونجاستها، وقد مضى ذلك مبيناً في كتاب الطهارة.

ثم ظهر اختلاف أئمتنا في أنه هل يجب عصرُ الثوب المغسول عن الغسالة على حسب العادة في مثله؟ وقد قال شيخنا أبو علي: هذا الخلاف بعينه، هو الخلاف في نجاسة الغُسالة وطهارتها. فإن حكمنا بنجاستها، فبالحري أن نوجب العصرَ، لفصلها على حسب الإمكان، مع الاقتصاد في الاعتياد، وإن قلنا: الغسالة التي تنفصل بالعصر طاهرةٌ، فلا معنى لإيجاب العصر مع المصير إلى أنّ ما يعصر لو رُدّ إلى الثوب ساغ.

فهذا تفصيل القول في العصر.

ثم وإن حكمنا بنجاسة الغسالة وأوجبنا العصر، فالبلل الباقي بعد الإمعان في العصر طاهر، وكان من الممكن أن يتوقف الحكم بطهارة الثوب على جفافه عن البلل، فإن معنى الجفاف خطف الهواء أجزاء البلل، ولم يصر إلى اشتراط ذلك أحد.

١٠٩٧ - ثم ذكر الشافعي في صدر الفصل تفصيلَ إزالة النجاسة التي تصيب الأرضَ. ومعتمد المذهب فيها حديث الأعرابي الذي دخل المسجد، وجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يختص بتكريمه، والرفق به، فقال لذلك في صلاته: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد التحلل: "لقد تحجَّرت واسعاً" ثم قام الأعرابي إلى ناحيةٍ من المسجد، فبال فيها، فهمّ به بعضُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربه، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تُزْرِموه" أي لا تقطعوا عليه بوله، ثم قال صلى الله عليه وسلم "صبوا عليه ذَنُوباً من ماء" (١) ولعله صلى الله عليه وسلم


(١) حديث الأعرابي. أصله في الصحيحين، متفق عليه من حديث أنس (اللؤلؤ والمرجان: =