للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل ١): إذا أوجبتم الحكم بنجاسة الغُسالة، وعلى هذا القول توجبون العصر، فلو أصاب من تلك الغسالة شيء ثوباً، ثم جف عليه، فلا يطهر ذلك الثوب، فأي فرق بين أن يجف على هذا الثوب، وبين أن يصيب ثوباً آخر، ويجف عليه؟

قلت: الفرق هو ضرورة الغسل، ونحن نعترف أن القياس يقتضي ألا نحكم بطهارة الثوب بالماء القليل، فإن الماء ينبغي أن ينجس بملاقاة النجاسة أول مرة، ثم لا يفيد إذا تنجس تطهيرَ المحل، ولكن جرى حكم الشرع بطهارة الثوب مجرى الرخص كما قررتُه في أساليب (٢) مسألة إزالة النجاسة فإذا أصاب شيء من الغسالة ثوباً آخر على حُكْمنا بنجاسة الغسالة، لم يطهر ذلك الثوب بالعصر والجفاف، بل سبيل ما أصاب، كسبيل النجاسة تُصيب ثوباً، وإذا جف عن الثوب الذي ورد عليه، يجب الغسلُ عن هذا، عصراً وفصلاً للغسالة.

١٠٩٩ - ثم المتبع في نجاسة الأرض أن تصير مغمورة، وذلك يختلف بمقدار النجاسة وكيفيتها، وليكن مقدار الماء المصبوب، من الذنوب، أو القربة على حالة النجاسة.

وذكر الصيدلاني: أن من أصحابنا من قال: ينبغي أن يكون الماء المصبوب سبعة أمثال النجاسة، وهذا لست أعرف فيه توقيفاً، ولا له تحقيقاً من جهة المعنى، بل الذي أراه أنه لا يكتفى في المكاثرة والمغالبة بهذا أصلاً.

ثم من ركيك ما فرعه المفرعون أن قالوا: قد قال الشافعي: "وإن بال اثنان لم يطهرها إلا دلوان"، فذهب ذاهبون إلى أنه يجب رعاية ذلك، وهذا الفن من الكلام مما لا يقبله لبُّ عاقل، فأي معنىً لتعدد الدَّلو والغرضُ المكاثرة؟ وأي فرق بين أن يجمع ملء دلوين في دَلوٍ عظيم ويصب، وبين أن يكون في دَلوين فيصبان؟ فأي أثر لصورة الدلو؟ وقد يكثر بول بائل، ويقلُّ بولُ بائلين، فاعتبار مقدار النجاسة، وتنزيلُ


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٢) إشارة إلى كتابه (الأساليب) وهو في علم الخلاف.