للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقدار الماء على مقدارها بنسبة المغالبة مقطوعٌ، لا مراء فيه.

١١٠٠ - وكل ما ذكرناه والنجاسة التي أصابت الأرضَ مائعة، فأمّا إذا كانت جامدةً، فلا يُحكم بطهارة موردها، مادامت النجاسة شاخصة قائمة، فالوجه نقل تلك الأعيان، ثم صب الماء، والمغالبة بعد ذلك.

فهذا بيان استعمال الماء في الأرض، وتنزيل نضوب الماء منزلة العصر في الثوب.

١١٠١ - ثم قال الشافعي: إذا أصاب الأرضَ بول، ثم حميت الشمس عليها أياماً، وزالت آثار النجاسة، لم تطهر الأرض، ما لم يُستعمل الماء على الترتيب المذكور.

ونص في القديم على أن الأرض تطهر إذا زالت النجاسة بهذه الجهة، فاتخذ المفرّعون هذا القول القديمَ أصلاً، وخرجوا عليه أشياء كما سنذكرها وِلاءً إن شاء الله.

منها أن الزبل (١) إذا اختلط بالتراب وتطاول الزمان، وخرج عن صفته، وانقلب إلى صفة التراب، والتفريعُ على القول القديم، ففي الحكم بطهارته وجهان: أحدهما - نجس؛ فإنَّ عين النجاسة قائمة.

والثاني - أنه طاهر لانقلابه تراباً، وللاستحالة أثر في تغيير الأحكام؛ فإن العصير إذا اشتدّ ينجُس، ثم إذا انقلبت الخمر خلاً، فالخل طاهر في نفسه.

وقالوا: إذا وقع كلب في المملحة، فانقلب على مر الزمان، ملحاً ظاهراً وباطناً، فهل يطهر؟ وهل نحكم له بما نحكم به للملح، لمكان هذه الاستحالة؟ فعلى الوجهين المذكورين في انقلاب الزبل تراباً.

١١٠٢ - ثم مذهب أبي حنيفة أن رماد كل عين نجسة طاهر (٢)، وهذا بعيد على مذهب الشافعي، وقد صار إليه أبو زيد المروزي والخِضري (٣) من أصحابنا، تفريعاً على القول القديم.


(١) في (ت ٢): البول.
(٢) ر. فتح القدير: ١/ ٢٠٠، بدائع الصنائع: ١/ ٨٥.
(٣) "الخِضري" جاء في (ت ١) بالحاء المضمومة، والضاد مفتوحة، وهو سبق قلم من الناسخ.
عفا الله عنا وعنه.