للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدفنوه "أرسلوا وراء شاقٍّ ولاحدٍ، وكانوا يقولون: اللهم اختر لنبيك، فأقبل أبو طلحة اللاحد، فلحد قبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم" (١).

ثم يكون الميت في قبره على جنبه الأيمن في قبالة القبلة، وذلك حتم، فإن كان لحداً قُرّب إلى القبلة وألصق بمنتهى اللحد، وأضجع إضجاعاً لا ينكب على وجهه، واستوثق من وراء ظهره بلبنة حتى لا يستلقي، وحسن أن يترك تحت رأسه لبنة، ولو أفضى بوجهه إليها، أو إلى تراب قبره حتى يكون على صورة مستكين لربه، كان حسناً، ولا ينبغي أن يوضع على مخدة، أو مُضرَّبة (٢)، وتنضد اللبن على فتح اللحد، وتسد الفُرج بما يمنع [انهيار] (٣) التراب فيه.

ثم في الآثار: "أن يَحثي (٤) كلُّ من دنا حثيات من التراب" (٥)، ثم يهال التراب بالمساحي، ويرفع نعش (٦) القبر بمقدار شبر، ولا يبالغ في رفعه أكثر من هذا أو قريباً منه، ولا يُجصَّص، ولا يُطيَّن ولو صب [عليه الحصباء] (٧) كان حسناً، وقد فعله


= الجنائز، باب اللحد والشق، ح ٢٠١١، والترمذي: في الجنائز، باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اللحد لنا والشق لغيرنا" ح ١٠٤٥. والتلخيص: ٢/ ١٢٧ ح ٧٨١).
(١) خبر أنهم أرسلوا وراء شاق ولاحدٍ ... رواه أحمد وابن ماجة من حديث أنس، وإسناده حسن. قاله الحافظ، وقال الألباني حسن صحيح، ورواه ابن ماجة أيضاً من حديث عائشة وحسنه الألباني. (ر. ابن ماجة: الجنائز، باب ما جاء في استحباب اللحد، ح ١٥٥٧، ١٥٥٨، والصحيح: ١/ ٢٥٩، ٢٦٠ ح ١٢٦٤، ١٢٦٥، والتلخيص: ٢/ ١٢٧ ح ٧٨٢).
(٢) المُضرَّبة، كل ما أكثر تضريبه بالخياطة، وكساء، أو غطاء، كاللحاف، ذو طاقين مخيطين
خياطة كثيرة، بينهما قطن ونحوه. (معجم).
(٣) في الأصل، (ط): انهباب. والمثبت من (ت ١) وأكدتها (ل).
(٤) "يحثي" بالياء، والفعل واوي، ويائي (المصباح).
(٥) روى البزار والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم، حثى على قبر عثمان بن مظعون ثلاث حثيات من التراب، وهو قائم عند رأسه، ورواه الشافعي، وأبو داود في المراسيل، وذكر الحافظ أكثر من أثرٍ في حثي التراب، وكذا الدارقطني (ر. التلخيص: ٢/ ١٣١ ح ٧٨٨، والدراقطني: ٢/ ٧٦، باب حثي التراب على الميت).
(٦) النعش: ما يحمل عليه الميت، هذا هو المنصوص عليه في المعاجم، ولكن الإمام يستخدمه هنا بمعنى سطح القبر، ولم أر ذلك فيما بين يدي من معاجم.
(٧) زيادة من (ت ١)، (ل).