للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الآخر؛ فإن الأبدال غير مجزئةٍ في الزكوات. فهذا ما ذكره أئمتنا.

ثم ذكروا هندسةً في الاطلاع على مقدار الذهب والفضة، من ذلك المختلط، وهي معروفة (١)، وأهون منها أن يُسبك مقدارٌ نزرٌ من المختلط، ويقاس به الباقي، فإن عسر ذلك، فالوجه ما ذكرناه.

وقال العراقيون: إن غلب على ظنه مقدارُ كلِّ تبرٍ، نُظر: فإن كان يُخرج الزكاة بنفسه، فله أن يبني على ظنه، ولا نكلفه طلب اليقين، (٢ وإن كان يسلِّم الزكاة إلى الساعي، فإنه لا يعتمد ظنَّه في ذلك، ويقول: خذ بالأكثر، واطلب اليقين ٢)، أو ميز أحدَهما عن الثاني. هذا طريقهم.

والذي قطع به أئمتنا أنه لا يجوز اعتماد الظن في ذلك. وقياسنا لائح.

ووجه الإشكال فيما ذكروه أنا إذا أوجبنا الأكثر، فقد زدنا قطعاً، وإيجاب الزكاة من غير ثَبَت (٣) مشكل أيضاًً. ولكن إن أخرج المستيقن من كل تبر، فيُخرج زكاة أربعمائة من الورق، وأربعمائة من الذهب، فيبقى عليه زكاةٌ على قطعٍ، وإسقاط حق المساكين لا سبيل إليه، هذا مقطوع به.

وكذلك إذا أخذ ستمائة نُقْرة، وأربعمائة ذهباً، فيجوز أن يكون مصيباً، ولكن إذا لم ينضم إليه ظن، فلا يبرأ به في ظاهر الحكم، وهذا متفق عليه. والكلام فيه إذا ظن، وبنى على ظنه.


(١) رضي الله عن إمام الحرمين، لم يشرح لنا هذا النوع من هندسة المعادن، الذي ذكره الأئمة الفقهاء ووضحوه، واكتفى بقوله هي معروفة. ألم يكن يقدّر أن أجيالاً ستأتي بعده، تقرأ كتابه مثلي أنا وهي لا تعرف هذه الهندسة. رضي الله عن أئمتنا كيف عُنوا بفقه الواقع، وأحاطوا خبراً بكل ما يتكلمون فيه.
وغفر الله لمجتهدة العصر المحدَثين استطالتهم، وتطاولهم على أئمتنا الأعلام، وإلى الله براءتي مما يقولون.
هذا، وقد ذكر ابن الصلاح هذا النوع من الهندسة في مشكل الوسيط، فراجعه إن شئت (٢/ ٤٧٣ بهامش الوسيط).
(٢) ما بين القوسين ساقط من (ت ٢).
(٣) ثبت: بفتحتين، أي حجة.