للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحقيقة الفصل يُتلقَّى من القول في ملك الأجرة، فظاهر المذهب أن المكري يملك الأجرة التامة بنفس العقد، ثم إن فُرض انفساخ العقد بسبب انهدام الدار، فينتقض الملك بعد ثبوته، وهذا التقدير لا يمنع ثبوت الزكاة.

ثم من سلك هذا المسلك وجّه القولين بما نصفه، فقال: إن قلنا: تجب زكاة المائة والستين، فوجهه ظاهر؛ فإن الملك ثابت، فإن فُرض فسخ، زال وانقطع، ولا يتبين أن الملك لم يكن ثابتاً قبلُ، فأشبه الصداق قبل المسيس، فإذا قَبضت الصداقَ، ومضى حَوْل، وجبت عليها الزكاة، في جميع الصداق، وإن كان ملكُها في الصداق عرضةً للتشطر، لو قدر طلاق الزوج.

ومن قال بما ذكره المزني نقلاً، حاول الفرقَ بين الصداق والأجرة، بأن الصداق إنما يتشطر بتصرفٍ من الزوج في ملكه، وليس ذلك رفعاً للعوض - (١ تبعاً للعقد الموجِب للعوض- ١) بالفسخ، وما يفرض من انفساخٍ، فهو معترض على أصل العقد.

٢١٤٧ - ومن أئمتنا من قال: القولان في تأدية الزكاة مأخوذان من الملك: فإن قلنا: تجب الزكاة في الكل دفعةً واحدة، عقيب السنة الأولى، [فهذا] (٢) جواب على أن الملك يحصل في الأجرة دفعة واحدة مع العقد، وهذا قاعدةُ المذهب والقياش.

والقول الثاني - أنه يؤدي الزكاة على التدريج الذي ذكره المزني، وهذا يبتنى على أنا لا نحكم بالملك في الأجرة دفعة واحدةً، ولكن نقف الأمر، فإن مضت المدة سالمةً عن اعتراض ما يوجب الانفساخ، تبيّنا بالأخرة أن الأجرة مُلكت عند العقد، وإن طرأ الانفساخُ بعد مضي ربع المدة، تبيّنا أنه لم يجر الملك إلا في ربع الأجرة، فقد حصل طريقان في الملك، فمن الأئمة من حصَّل الملك قولاً واحداً، وخرّج قول المزني على ضعف الملك، من حيث يتعرض للانفساخ.

ومنهم من قال: قول المزني خارج عن ابتناء أمر الأجرة على التبيّن عند طريان


(١) ما بين القوسين ساقط من (ت ١).
(٢) في الأصل، (ط): فهل. وفي (ت ٢) فهو.