للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا يستعقب قبولُ الورثةِ الملكَ، ثم يثبت الملكُ للموصَى له الميت في ألطف لحظة، وينتقل إرثاً إلى ورثته القابلين، وسبيله سبيل التركة، يُقضى منها ديون الموصَى له، وتنفذ وصاياه، ثم لا نقول: يتقدم الملك على قبولهم، مستنداً إلى وقت موت الموصى له؛ فإن قول القبول لا يحتمل إلا استعقابَ الملك.

فهذا ما أردناه من القول في الملك.

والأصل الثاني - في بيان المذهب فيمن يملك عبداً، لا يملك سواه، واستهل الهلال، فهل يلزمه إخراج الفطرة عنه، وقد تردد الأئمة في ذلك: فذهب الأكثرون منهم إلى إيجاب الفطرة عن العبد، وإن كان لا يملك مولاه غيرَه؛ فإن المعتمد في المال المعتبر في إيجاب الفطرة أن يفضل عن القوت يوم العيد مقدارُ الفطرة، والعبد في نفسه فاضل عن القوت.

ومن أصحابنا من قال: لا تجب الفطرة عن العبد؛ فإن الفاضل ينبغي أن يكون مالاً غيرَ ما منه الإخراض.

ومن أصحابنا من [فصل] (١) بين أن يكون العبد مستغرَقاً بحاجة الخدمة، وبين أن لا يكون كذلك، فإن كان مستغرقاً بالحاجة، فلا فطرة [فيه] (٢) لتعذر تقدير بيعه، وإن لم يكن الرجل محتاجاً إلى الخدمة، فالعبد مال كسائر الأموال.

وهذه المسألة فيها وقفة: أما من أوجب الفطرة، فلا التفات له إلاّْ على الذمة، ووجود [المالية في الرقبة] (٣)، وأما من يلتفت على تقدير صرف العبد إلى هذه الجهة، [فقد يقال له:] مقدار الصدقة من الرقبة إن كان ينقص من المالية، فالزائد عليه يجب أن يُخرَج قسط من الفطرة عنه، تخريجاً على إيجاب الفطرة عن العبد المشترك، وهذا لا بد منه.

ولكن الذي أطلقه الأصحاب نفيُ الزكاة في وجه، ولست أرى لذلك وجهاً، وقد نص الشافعي على أن الطفل إذا كان لا يملك إلا عبداً، وكان مستغرَقاً بحاجة خدمته،


(١) في الأصل: قال.
(٢) زيادة من (ط).
(٣) ساقط بسبب البلل.