للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجماع، وهذا مشهورٌ في الحكاية، [و] (١) لا اتجاه له أصلاً عندنا، لما نبهنا عليه من خروج الجنب، عن أن يكون أهلاً للكَوْن في المسجد.

ثم [من] (٢) خصص الإفساد بالجماع، فيظهر عندنا أنه يَعتبر فيه الجماعَ المفسدَ للصوم، من غير تعريجٍ على إيجاب الكفارة. وفي نص الشافعي ما يدل على اعتبار الجماع التام؛ فإنه قال، فيما نص عليه، في بعض المواضع: " ولا يَفسُد اعتكافه إلا بوطءٍ يوجب الحدَّ "، ومقتضى هذا أن إتيان البهيمة إذا لم يوجب [الحد] (٣)، لم يتعلق به إفساد الاعتكاف (٤)، والظاهر اعتبارُ (٥) فساد الاعتكاف، بفساد الصوم، وقد قدمنا أن الصوم يَفسُد بكل جماع، يوجب الغُسل.

وإذا قلنا: المباشرةُ تفسد الاعتكاف من غير إنزال، فالضبط فيه: أن كل ما يوجب من هذا النوع الفديةَ على المحرم، يُفسد الاعتكاف. وضبط [البابين] (٦) جميعاً: ما ينقض الوضوء [نفياً] (٧) وإثباتاً، وفاقاً وخلافاً.


(١) مزيدة رعاية للسياق، واستئناساً بما حكاه النووي في المجموع عن إمام الحرمين (المجموع: ٦/ ٥٢٥).
(٢) مزيدة من (ط).
(٣) مزيدة من (ط).
(٤) قال الإمام النووي تعليقاً على هذا الكلام: " وهذا الذي قاله الإمام عجب، فإن المذهب المشهور أن الاعتكاف يفسد بكل وطء ... ومن أظرف العجائب قول إمام الحرمين هذا، مع علو مرتبته وتفذذه في العلوم مطلقاً رحمه الله تعالى ". ا. هـ (المجموع: ٦/ ٥٢٥).
ومع شهادة النووي لإمامنا بعلوّ المرتبة، والتفذذ في العلوم مطلقاً، فنحن نرى في كلامه شيئاً من التحامل، فإمام الحرمين لم يأت بهذا من عند نفسه، بل رآه مدلولاً ومأخوذاً من نص الشافعي، ثم لم يقف عند هذا (العجب) الذي حكاه النووي، بل عقب قائلاً: " والظاهر اعتبار فساد الاعتكاف بفساد الصوم، وقد قدمنا أن الصوم يفسد بكل جماع يوجب الغسل " وهذا النص واضحٌ بين يديك في أعلى الصفحة. وهو لا يختلف عن كلام النووي الذي علق به على قول الشافعي، فإمام الحرمين جعله (الظاهر) والنووي جعله (المذهب المشهور).
وكأني بالفرق قريب. والله أعلم.
(٥) اعتبار: أي قياس، كما هو مفهوم.
(٦) في الأصل، (ك): الناس.
(٧) في الأصل، (ك): جميعاً.