للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٣٩٩ - ولم يختلف العلماء في أن الحيض ينافي الاعتكافَ؛ من جهة أن الحائض ليست من أهل المسجد أصلاً.

٢٤٠٠ - فأما الجنابة، فينبغي أن يتأنَّى الناظرُ فيها: أما القياس، فيقتضي لا محالةَ الحكمَ بمنافاتها الاعتكاف، ولكن قد نقل بعضُ الأئمة أن المباشرة إذا اتصلت بالإنزال، لم يفسد الاعتكاف، ومن ضرورة الإنزال الإجناب، فالوجه عندنا في تخريج ما قيل، على طريق أن نقول: للجنب حضور المسجد [مجتازاً] (١)، بخلاف الحائض، وقد ذكرنا أن من أصحابنا من جعل حضور المسجد اعتكافاً، من غير مُكث، فإن جرينا عليه، وفرضنا إنزالاً، واشتغالاً على أثره بالاغتسال من عينٍ في المسجد، فالجنابة لا تحرّم هذا الكَوْن، واللحظة الواحدة قُربةٌ، فلا يخرج الكَوْن فيها عن وضع الاعتكاف، فأما فرض المُكث في المسجد، مع الجنابة، فلم أرَ محققاً يستجيز الحكمَ بكونه اعتكافاً صحيحاً.

على أنا فيما ذكرناه على تكلُّفٍ فإن عبور الجنب في حكم المسوَّغَات (٢)، ولا يجوز أن يقع في رتبة القُربات.

والذي يجب القطع به أن من اعتمد الإنزال وإن تأتى منه الاغتسالُ في المسجد، فيحرم منه، ما جاء به. [وللاحتمال فيه مجال] (٣).

ولا وصول إلى ما تكلفناه على [صفوه] (٤)؛ فإن الاشتغال بالاغتسال ليس من الخروج (٥)، ويرد عليه أن دخول [المسجد] (٦) جائزٌ للجنب، على قصد الإطراق.


(١) في الأصل: مختاراً.
(٢) المسوّغات: أي المسموحات المترخص بها.
(٣) هذه عبارة (ط) أما الأصل، (ك): " والاحتمال فيه مُحالٌ ". وهو عكس المعنى تماماً، ولكن عبارة (ط) هي المعهودة في لسان إمام الحرمين، وقد سبق مثل هذا آنفاً.
(٤) في الأصل، وك: صغره. والمثبت من (ط) ولعل المعنى: على صفو المسألة ووضوحها لا وصول إلى القطع فيها. والله أعلم.
(٥) أي يعكر على القول بوقوع الاعتكاف من الجنب أن هذا (الكَوْنَ) منه في المسجد، لا يجوز إلا في حالة مروره مجتازاً للمسجد، والاشتغال بالغسل من الجنابة ليس خروجاً.
(٦) بياض بالأصل.