للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليقف الناظر عند معاصات (١) الكلام.

٢٤٠١ - واستتمام هذا بما نصفه [قائلين] (٢): إذا أجنب الرجل في المسجد، وكان بالقرب منه (٣) ماءٌ يتيسر منه الانغماس فيه، على قربٍ من الزمان، ولو حاول الانفصالَ من المسجد، وقطْعَ عرصته الفيحاء (٤)، لزاد زمان القطع على زمان الغُسل، فالذي ذهب إليه المحققون أنه يتعين عليه إيثارُ الخروج، ولا نظر إلى الزمان، طال (٥) أو قصر.

وأبعد بعض الأصحاب، فقال: يجوز الاغتسال على الصورة التي ذكرناها.

وهذا ساقط، من وجهين: أحدهما - أن الاغتسال على حالٍ حطٌّ للجنابة، واتخاذ المسجد محلاً لمثل هذا غضٌّ من أُبَّهَتِه، وأيضاًً، فإباحة العبور ليست معقولةَ المعنى، وإنما كان يتطرق المعنى إلى ذلك لو خُصّ جواز العبور بالاضطرار، فإذ [ذاك] (٦) كنا نقدر الحركاتِ على قصد الانفصال في حكم الخروج (٧) من الأرض المغصوبة، وليس الأمر كذلك؛ فإن للجنب دخول المسجد على قصد الاطّراق، وإن وجد مسلكاً غيرَه، فالتعويل على ظاهر لفظ الكتاب العزيز (٨). فكل ما لا يعد من قبيل العبور، بل يعد تعريجاً على أمرٍ، فهو نقيض العبور، والاشتغال بالاغتسال من ذلك.

ولم أر أحداً من الأصحاب يوجب إيثار الاغتسال نظراً إلى قرب الزمان.

و [حظُّ] (٩) الاعتكاف من هذا الفصل، أنه قد ينقدح للناظر توجيه الاشتغال


(١) عاص الكلامُ يعوص: خفي معناه، وصعب فهمه، فهو عويص، ومعاص اسم مكان من عاص. (المعجم).
(٢) مزيدة من (ط).
(٣) (ط): منها.
(٤) عرصته الفيحاء: أي ساحته الواسعة. وفاحت الدار: اتسعت، فهي فيحاء. (المعجم).
(٥) في الأصل، (ك): وإن طال .. (بزيادة وإن).
(٦) الأصل، (ك): ذلك.
(٧) ساقطة من (ط).
(٨) يشير إلى قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: ٤٣].
(٩) في الأصل: حفظ.