للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاغتسال، في حق الجنب المعتكف؛ حتى لا يحتاج إلى الخروج، وهذا ساقط؛ فإن الخروجَ إذا أمر به، فهو في معنى الخروج لقضاء الحاجة.

والذي يتنخلّ (١) عندنا من تنزيل هذا القول الذي شُهر، أن يقال: الإنزال إذا جرى من غير قصد، فالخروج من المسجد محمول على الخروج لقضاء الحاجة، ثم نفس الخروج مع [مباينته للمسجد] (٢) غيرُ مؤثر، فليكن الخروج لأجل الإنزال بهذه المثابة.

وقد طال الكلام بعض الطول وسببه ما في هذا القول من الإشكال.

٢٤٠٢ - ومما نلحقه بمفسدات الاعتكاف شيئان، اختلف النص فيهما، ونحن ننقل النصَّين في موضعهما، ونذكر ترتيب المذهب في كل واحدٍ.

نص الشافعي على أن الردَّة لا تفسد الاعتكافَ، ونص على أن السكر يفسد الاعتكاف.

فأما الردة، فلأصحابنا فيها ثلاث طرق، قال بعضهم: هي مفسدةٌ للاعتكاف؛ فإنها محبطةٌ للأعمال المقترنة بها، فلا يتصور اعتداد بعبادةٍ تساوقها الردة. وهذا القائل يقول: نصُّ الشافعي محمول على اعتكافٍ غيرِ متتابع طرأت الردةُ في خلله، وقوله: " لا تُفسدُ الاعتكاف " معناه لا تُفسد ما مضى، ردّاً على أبي حنيفة (٣)، حيث قال: الردة تحبط سوابق الأعمال، وإن اتفقت الموافاة (٤) على الإسلام.

وفي هذا التأويل بعضُ البعد؛ فإن الشافعي قال في طارئ الردة: إنها لا تُفسد، ويبني إذا عاد إلى الإسلام، وهذا مشعرٌ بفرض الأمر في اعتكافٍ متتابع، [بفرض] (٥) انقطاعه وانتظامه، فهذه طريقة.


(١) (ك): ينتجل.
(٢) زيادة من (ط) وعبارة الأصل، (ك): مع أنه غير مؤثر.
(٣) ر. المبسوط: ٣/ ١٢٥، البدائع: ٢/ ١١٦.
(٤) أي موافاة الأعمال لحالة الإسلام.
(٥) في الأصل، (ك): لغرض.