للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن] (١) رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما ذكر الزاد والراحلة، أراد بما ذكره ألا يُجَشّم الناسَ المشيَ، لما فيه من المشقة.

وهذا لا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا استقلال (٢) بتقريره في [مسالك] (٣) الأقيسة، وإن تخيلناه على الجملة. ونظائر ذلك كثيرة. ولسنا لها الآن.

ويغلب في هذا الفن البناءُ على قاعدة الحسم (٤)؛ فإن المشي على الجملة ظاهرُ الضرار، ولا التفات إلى ما يندر ويشذ، بخلاف ضرر الركوب.

قال الأئمة: الزاد نفقةُ السفر في الذهاب، والإياب، فأهبة الذاهب، وأهبة المنقلِب زادُه، ولفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلق في ذكر الزاد، فإن كان للرجل أهل، شرطنا في الاستطاعة نفقةَ الذهاب، والإياب. وأهلُ الرجل: زوجةُ الرجل وأولادُه.

قال الصيدلاني: الأقارب من الأهل، المحارمُ منهم وغيرُ المحارم. وليس في الطرق ما يخالف قولَه والمرعي فيه، أنه يعظُم على الإنسان [مفارقة ذويه وقراباته، كما يعظم عليه] (٥) مفارقةُ زوجته، فاشتراط نفقة الإياب لذلك.

وإن لم يكن له أهل، على ما فسرناه، ففي اشتراط نفقة الإياب وجهان: أحدهما - أنها لا تشترط؛ فإن البلاد متساويةٌ، في حق من لا أهل له. والثاني - أنّا نشترط نفقة الإياب؛ لما في النفوس من الحنين إلى الأوطان. ولم يتعرض أحدٌ من الأصحاب، للمعارف والأصدقاء، كانوا، أو لم يكونوا؛ فإن الاستبدال عن الصديق ممكن، بخلاف الأهل؛ فإن الاستبدال فيه قد يعسر، ولا يفرض في القرابات إلاّ على بُعد.


(١) في الأصل، (ك): قول.
(٢) (ك): استقرار.
(٣) الأصل، (ك): مسائل.
(٤) (ط): الجسم.
(٥) ساقط من (ك).