للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوب الحج، إذا كان في المال وفاء بها. وإذا كان يُطلب مالٌ بغير حق، فيسقط وجوب الحج.

٢٤٥١ - ولو كان يحتاج المسافر إلى من يُبَذْرِقُه (١)، وإذا استأجره، أمن الغوائل، في غالب الظن، فهل يجب الحج، والحالة هذه؟ اختلف أئمتنا في المسألة، فقال قائلون: يجب، وهو المختار، فإن بذل الأجرة بذلُ مالٍ بحق والمبذرِقُ أهبةٌ، من الأهب، كالدابة، وغيرها.

وقال قائلون: لا يجب ذلك، فإن الاحتياج إليه سببُه خوفُ الطرق، وخروجها عن الاعتدال. وقد ثبت في وضع الشرع، سقوط الحج عند خوف الطارقين، في غالب الأمر، ولو أوجبنا استئجار مبذرِق، لزم أن نوجب استئجار عسكرٍ، عند وفاء المال، وعِظَم الغائلة. وهذا بعيدٌ عما فهمه الأولون، من اشتراط أمن الطريق. ثم ليس الأمن الذي نذكره قطعاً (٢)، " فالمسافر ومتاعه على قَلَت (٣) إلا ما وقى الله "، وإنما الحكم على غالب الظن، والنفس لا تثق بالخلاص عن الحوادث.

فالذي يجب التفطن له، أنا لا نشترط في السفر [الأمن] (٤) الذي يغلب في الحضر، فإن ذلك إنما يحصل لو صار السفر في حكم الحضر، بأن تصير الطرق آهلة، [و] (٥) لا سبيل إلى شرط ذلك، فالأمن في كل مكانٍ، على حسب ما يليق به.


(١) يبذرقه: يحرسه. قيل: معرّبة، وقيل: مولّدة. وقيل بالذال، وقيل بالمهملة، وقيل: بهما جميعاً. (المعجم والمصباح).
(٢) أي لا قطع، ولا يقين في أمن المسافر.
(٣) قَلَت: هلاك. (النهاية في غريب الحديث).
ومما يذكر أن إمام الحرمين لم يروه هنا حديثاً، كما صنع في البرهان. وهو ليس بحديث كما قاله الجوهري في الصحاح، وكما قاله أيضاً النووي في تهذيب الأسماء واللغات، حيث قال: إنه من كلام بعض السلف، قيل: إنه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكر ابن السكيت والجوهري وابن منظور أنه لأعرابي (ا. هـ بتصرف) وانظر كشف الخفا ح ٧٨١، وانظر ما قاله الحافظ في التلخيص: ٣/ ٢١١ ح ١٤٥٨.
(٤) زيادة من (ط).
(٥) الأصل، (ك): فلا.