للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال: " ولا يبين لي أن أوجب عليه ركوبَ البحر ... إلى آخره " (١).

٢٤٥٢ - اختلف نص الشافعي في وجوب ركوب البحر لأجل الحج، فقال هاهنا: ولا يبين لي أن أوجبه، وقال في موضع آخر: لا أوجبه إلا أن يكون أكثر عيشِه في البحر، [و] (٢) عندي أنه نصَّ في بعض المواضع على وجوب ركوب البحر، إذا كان يعتاد ركوبَه.

فقال بعض أصحابنا: في المسألة قولان: أحدهما - أنه لا يجب ركوبه؛ فإنه مهلكة والخارج منه يُعدّ ناجياً، وهو المعنيّ بقوله تعالى: {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت: ٦٥].

والقول الثاني: إنه يجب؛ فإنه مطروق العقلاء، ويُبعدُ الآفةَ عن سفينة صحيحة شِحْنتُها (٣) على قَدْر (٤)، وإجراؤها في وقت متَخيَّر، فلا يبقى إلا مهَابةُ النفوس، فلا تعويل عليها.

ثم القولان فيما يعتاد ركوبه، ولا يُنسب صاحبُه إلى اقتحام العَطَب. فإن كان البحر بحيث لا يركبه إلا هجّام، مغرِّر بنفسه، فلا يجب ركوبُه، بل قد نقول: لا يحل ركوبُه. وكذلك إن اغتلم (٥) بحرٌ، يُعتاد ركوبه في بعض الأوقات، فالكلام في ذلك الوقت، كالكلام في البحر المغرِق.

ومن أصحابنا من [نزل] (٦) المسألةَ على جرأة الراكب، واستشعاره. وفي نص


(١) ر. المختصر: ٢/ ٤٣.
(٢) مزيدة من (ط).
(٣) الشِّحنة: ما تُملأ به السفينة. وشحن يشحن من باب تعب. (معجم).
(٤) قَدْر بفتح وسكون: المقدار المساوي من غير زيادة، ولا نقصان. (معجم).
(٥) اغتلم البحر: هاج واضطربت أمواجه. (معجم).
(٦) الأصل، (ك): ترك.