للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قاعدة المذهب أن جميعَها يتقيد بالجرم، أما لحومها فمفرقة على من يصادف مكة من المستحقين: قاطنين كانوا أو غرباء، وإنما المطلوب أن تقع التفرقة بالحرم.

وأما إراقة الدماء، فالمذهب أنه يتعين إراقتها بالحرم، أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع النحر من منى، وقال: "هذا المنحر، وكل فجاج مكة منحر" (١). وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرمَ بذكر مكة، ولا شك أن خِطتها غيرُ معتبرة، وإنما المرعي الحرم (٢) نفسه، ومنى ليس من خِطة مكة، ولكنه من الحرم، والحرم متمادٍ إلى قرب عرفة.

ومن أصحابنا من قال: لو وقع الذبحُ والنحر في طرف الحل، ونقل اللحم غضاً طرياً إلى الحرم، جاز، وأجزأ؛ مَصيراً إلى أن المقصود تفريقُ اللحم الغض بالحرم.

وهذا ضعيفٌ؛ فإن الإراقة نسكٌ، ولهذا لا يجزئ اللحم إذا اشتراه [ملتزمُ] (٣) الدم وأراد تفريقه.

٢٧٢٧ - هذا أصل المذهب، لا يستثنى منه إلا دمُ الإحصار؛ فإن محِلّه محل الحصر، وسيأتي في باب الإحصار مع طرفٍ من أحكام (٤) الدماء التي وجبت قبل الإحصار.

وإذا خالف [ملتزم] (٥) الدم فيما رأيناه واجباً، لم يعتد بما جاء به.

والمحل الأفضل في حق الحاج، منى وكذلك القول في هداياه: إن ساقها.

ومحل الإراقة في حق المعتمر المروةُ؛ فإنها محل التحلل عن العمرة. كما أن منى محل التحلل عن الحج.


(١) حديث: كل فجاج مكة منحر، رواه مسلم بمعناه عن جابر، وأتم منه: كتاب الحج، باب ما جاء أن عرفة كلها موقف، ح ١٢١٨، ورواه أبو داود بنحو هذا اللفظ: المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم، ح ١٩٠٧، وانظر تلخيص الحبير: ٢/ ٥٥٤ ح ١١١٨.
(٢) (ط): بالحرم.
(٣) في الأصل: فيلزم الدم.
(٤) (ط): الأحكام.
(٥) في الأصل: فيلزم.