للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر شيخي وجهاً غريباً في أن من حلق قبل الانتهاء إلى الحرم، فله أن يفرّق اللحم حيث حلق، واستدل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كعب بن عُجرة، وكان حلقه في محلٍّ بعيدٍ عن مكة، ودل ظاهر كلامه صلى الله عليه وسلم على التسليط على إراقة الدماء، وتفرقة اللحم.

وهذا بعيدٌ؛ فإن ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على إعلامه كعباً ما يجب عليه بسبب الحلق، فأما التعرض [لتنجيز] (١) الإراقة وتعجيل تفرقة اللحم، فلم يتعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٢٧٢٨ - وذكر صاحب التقريب وجهاً غريباً على نسق آخر، فقال: كل ما أقدم عليه المحرم من موجبات الدم، وكان مسوَّغاً له بعذرٍ، أو غيره، فله أن يريق الدم حيث شاء، وكذلك يفرّق اللحنمَ. وكل سبب يحرُم الإقدام عليه، فإذا فرض صَدَره (٢) من المحرم، فإراقة الدم الواجب، وتفرقةُ اللحم يتقيدان بالحرم.

وهذا نقله وزيفه. وليس من الرأي تشويش أصل المذهب بمثل هذا، والوجه القطع بأن كل دم وجب على المحرم بسبب يسوغ: كالتمتع، والقِران، والحلق مع الأذى، واللُّبس مع الحاجة. أو بسبب غير مسوغ كالمحظورات، مع انتفاء الأعذار، فتفرقة (٣) اللحم في جميعها مقيدةٌ بالحرم. والمذهب تقيّد الإراقة به أيضاً، وفيه الوجه البعيد.

ثم لا فرق بين ما يقع في نفس الإحرام، وبين ما يقع بعد التحللين، أو بينهما؛ فإن الرمي وإن وقع بعدَ (٤) التحللين، فهو من توابع الإحرام، فالْتحق به، وكذلك كل ما في معناه.

وأما القول في الزمان، فلا يتقيد شيء (٥) من دماء الجبرانات بالزمان، وجميع


(١) في الأصل، (ك): لتخيير
(٢) صَدَرُه: صدوره. وقد تكرر هذا مراراً.
(٣) (ط): فانتفاء.
(٤) (ط): بين.
(٥) (ط): بشيء.