منه إحرام، ثم هذه المناسك تتبع الإحرام السابق. فأما الإتيان بها من غير تقدّم إحرامٍ، فبعيد. هذا ما أراه.
فالوجه الرجوع فيها إلى أبدالها، وهذا أولى فيها من اقتحام مُحالٍ، وليس كالطواف والسعي؛ فإنه لا بدل لهما، فاضطررنا إلى تصوير الإنابة.
فهذا منتهى قولنا في البناء على الحج.
٢٧٦٤ - والآن نعود بعد نجازه إلى تفصيل القول في موت الأجير في أثناء الحج، فنقول: إن كانت الإجارة متعلقةً بعين الأجير، ومات الأجير في أثناء الحج، فالغرض مأخوذ من جواز البناء وامتناعه.
فإن قلنا: البناء ممكن، فيُتَصَوّر من المستأجِر أن يستأجر أجيراً ليأتي ببقية أعمال الحج، فإذا كان ذلك ممكناً، فعمل الأجير الأول غيرُ محبَط، فلا شك أنه يستحق قسطاً من الأجرة.
وإن قلنا: البناء غير ممكن، فهل يستحق ورثة الأجير قسطاً من الأجرة؟ فعلى قولين: أحدهما - أنهم لا يستحقون، لأنه لم يَحْصُل للمستأجِر أمرٌ معتدٌّ به، وما جاء به الأجير قد حَبِط، وسقط أثره.
والقول الثاني - إنه يستحق قسطاً من الأجرة، لإتيانه ببعض العمل المقصود، وقد فعل الأجير ما في وسعه.
التفريع:
٢٧٦٥ - إن قلنا: لا يستحق شيئاً، فلا كلام، وإن قلنا: يستحق، ففي كيفية التوزيع وجهان: أحدهما - أن التوزيع يقع من الإحرام إلى حيث انتهى، ولا نُدخل السَّفرة في الاعتبار. والوجه الثاني - أنا نُدخلها في الاعتبار؛ فيكثر على هذا التقديرِ المستحقُّ.
هذا والإجارة على العين.
٢٧٦٦ - فأما إذا كانت الإجارة واردةً على ذمة الأجير، فإذا مات في أثناء الحج، فلا تنقطع عُهدة الإجارة عن تركته. فإن قلنا بالبناء، فورثة الأجير يستنيبون من يتمّم الحج، وإذا تم، استحقوا الأجرة المسماة على المستأجِر.