للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا وضعُ الباب، وهو مضمون الأخبار، وهو اللائق بمصلحة هذا العقد، كما سبق تقريره في صدرِ الفصول؛ فإنَّ الاختلافَ بيْن المتبايعين عامُّ الوقوع، ولا حاجةَ لتخصيص جَانب عن جانبٍ، ولو فصلنا النفيَ عن الإثبات، وأقمنا خصومتين تنفصل إحداهما عن الأخرى، لما انتظمت حكمةُ الشريعة في التسوية بين المتعاقدين، ولما أفضى الأمرُ إلى الفسخ والانفساخ.

ولكنّا نقول: القول قولُ المشتري في نفي المزيد الذي يُدعى عليهِ في الثمن، والقول قول البائع في أنه لا يجب عليهِ تسليمُ المبيع لو كنا نؤاخذه بمطلق إقراره للمشتري بالمِلك في المبيع، ونراه مدَّعياً في الجهة التي نذكرُها؛ فإذاً وضعُ الباب على الاستواء، حتى كأنهما يتنازعان نفياً واحداً، وإثباتاً واحداً، ولكن لما اشتملت الخصومةُ على النفي والإثبات، اشتملَت اليمين الواحدةُ عليهما كما سنصفها، ولا يطلع الناظر على حقيقة التوجيه إلا بالتفريع عليهما.

التفريع على القولين:

٣٢٦٧ - إن رأينا الاقتصارَ على يمين واحدةٍ، فاتفقت البدايةُ بالبائع مثلاً؛ فإنا نقول له: احلف بالله ما بعتُ العبد بألفٍ ولقد بعتُه بألفين. فإن حلف، عرضنا اليمينَ على المشتري، وقلنا له: احلف بالله ما اشتريت بالفين، ولقد اشتريت بألفٍ. فإن حلف كذلك، فقد تحالفَا.

ويقع الكلام وراء ذلك في الفسخ والانفساخ، كما سنصف القولَ فيه، إن شاء الله عز وجل - بعد نجاز صفة التحالف.

ولو حلف البائع وكنا بدأنا به، ونكل المشتري، قضَينا للبائع. وهذا خروج بيِّنٌ عن القياس الكُلِّي، وإن كان لائقاً بمصلحةِ الباب؛ فإنا قضينا له بالإثبات سابقاً على النكول من خصمه.

ولو عرضنا اليمين على البائع أولاً، فنكل، نعرضُ اليمينَ على المشتري، فإن حلف، قضينا له بالعقد على موجب قوله. وهذا منقاسٌ فإن القضاء جرى بعد تقدّم النكول.