للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٣٤٥ - فأمّا التي لم تفتق، فقد ذهب صاحب التقريب إلى أنها كالجوزة، فإذا بيعت مع قشرتها، نفذ البيع قولاً واحداً، نَفاذَ بيع الجوزة؛ فإن الفأرةَ صوانُ المسك، والحاجة إلى صوان المسك ماسة ظاهرة؛ فإن الهواء يخطَفُ ما يلقُط (١) منها ويغيّر رائحتَها. وليس الصوان المخلوقُ كالمفتوق والمخيط. فإن كان في حشو الفأرة جهالة، فهي محتملة عند الحاجة؛ إذ يُفرض مثل ذلك في لب الجوز والرانج (٢) وغيرهما.

وقال طوائفُ من أئمتنا: الفأرة غيرُ المفتوقة ليست كالجوزة؛ فإن حشوَ الفأرة يختلف اختلافاً بيناً على نفاسته وعِظم خطره. وإذا أخرج المسكُ من فأرة، أمكن صونُه بالرد، أو بالظروف المصممة. وليس كاللبوب؛ فإنه لا يَسُدّ ظرفٌ في صونها مسدَّ قشورها. وإذا تبيَّن مفارقتُها للجوز وما في معناها. فقد قال بعض أصحابنا على هذه الطريقة: البيع [فاسد] (٣) لاستتارِ (٤) المبيع بما ليس من صلاحه.

والوجه عندنا تخريج البيع على بيع الغائب؛ فإن بيع المسك في فأرة مع فأرة لا يزيد على بيع الثوب في الكتم. فإن كان ما ذكره الأصحاب جواباً عن منع بيع الغائب، فصحيح. وإن كان قطعاً بفسادِ البيع والتزاماً للفرق بين هذا وبين بيع الغائب، فهذا لا سبيل إليه.

وهذا كله في الفأرة التي لم تفتق.

٣٣٤٦ - وتمام بيان القول فيها يستدعي شرحَ شيءٍ آخر.

وهو أن الأكثرين من الأئمة ذهبوا إلى أن الفأرة طاهرة. وقال قائلون: إنها نجسة؛ فإنها بانت من حيٍّ، وما يبين من الحي، فهو ميت. وهذا وإن كان ظاهِراً، فلا حقيقة له لإطباق الخلق أولاً على خلاف ذلك. ثم ما ذكرناه من تصدير الفصل


(١) في (ت ٢): بلطف.
(٢) الرانج: الجوز الهندي (مصباح).
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) في (ص)، (ت ٢): لاستناد. وفي الأصل: واستتار.