للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم " بيع الحصاة " (١). وله تأويلان: أحدهما - أن يجعل رمي الحصاة بيعاً. وهذا فاسد. والآخر - أن يقول: بعتك ما يقع عليه حصاتك من هذه الأمتعة. وهذا فاسد. والثالث - أن يبيع من أرضٍ قدرَ ما يبلغه حصاة يرميها المشتري؛ فيكون المبيع من موقفه إلى منتهى الحصاة، وهذا فاسد أيضاً.

فصل

قال: " ولا يجوز شراء الأعمى ... إلى آخره " (٢).

٣٣٦٣ - ما ذهب إليه جماهير الأصحابِ أن شراء الأعمى وبيعَه فاسدان.

وخرَّج بعضُ أصحابنا بيعه وشراءه على بيع ما لم يره البائع، وشراء ما لم يره المشتري. ثم من صحَّحه من الأعمى، فسبيل لزوم العقد عنده أن يوكّل من يرى له العينَ المشتراةَ، ثم إذا امتنع منه البيع والشراء، يجوز له أن يوكل في كل واحدٍ منهما بصيراً.

فإن كان بصيراً ورأى شيئاً، ثم كُفَّ بصره، فاشتراه، جاز ذلك إذا لم يتقادم الزمن، أو تقادم وكان الشيء ممّا يبعد تغيُّره، كالحديد والنحاس، وغيرهما.

وإذا اشترى شيئاً لم يره، ثم كُفَّ بصره قبل أن يراه. فمن أصحابنا من قال: ينفسخ البيع من قِبَل أنا أَيِسْنا من قرار العقد عند الرؤية.

وذكر الشيخ أبو علي ما هو أصلُ الفصل وبه يتبيّن مشكلُه، فقال: البصير إذا اشترى شيئاً لم يره، وصححنا العقد، فلو وكل وكيلاً وفوض الأمر إليه في الفسخ والإجازة عند الرؤية، قال: في صحة الوَكالة وجهان: أحدهما - يصح، كتفويض الأمر في خيار العيب والخُلف. والثاني - لا يصح؛ فإن الخيار ليس مربوطاً بغرضٍ،


(١) حديث النهي عن بيع الحصاة: رواه مسلم: البيوع، باب بطلان بيع الحصاة، ح ١٥١٣.
(٢) ر. المختصر: ٢/ ٢٠٤.