تلفها، أو تعيّبها، فقد خرج ما ذكرناه على القاعدة خروجاً بيّناً.
٥٣٠٣ - فإن قيل: إذا تعدى المكتري، وجاوز حدّ الحاجة، فتلفت الدابة، فقد حصل التلف بما له أن يفعله، وبما ليس له أن يفعله، فهلا قسَّطتم الضمان، وحططتم بعضَه على مقابلة ما يجوز فعله؟ وتقريب القول فيه أن ضرباتٍ معلومة لو فرض الاقتصار عليها، لعد الضارب مقتصداً، فإذا زاد، عُدَّ مجاوزاً، فقد حصل التلف بما يجوز وبما لا يجوز؟
قلنا: إن كان المكتري منفرداً باليد، فيصير بأول العدوان غاصباً، والغاصب يضمن ليده، وإن لم يصدر منه إتلافٌ.
وإن كانت الدابة في يد مالكها، وكان المكتري يزجيها، فزاد على حد الاقتصاد، فهذا موضع السؤال، فانه لا يضمن ليده، وإنما يضمن لفعله.
٥٣٠٤ - والذي قطع الأصحاب به وجوبُ تمام الضمان؛ والسبب فيه أن القدرَ الذي لو اقتصر عليه، لكان مقتصداً إنما يكون مأذوناً فيه من المالك بشرط الاقتصار عليه، فإذا جاوزه، فقد خرج أصل الضرب عن الإذن. فهذا بيّنٌ في فنِّه. ولكنّ الاحتمالَ متطرقٌ إليه من طريق المعنى؛ لأن الفعل المقتصد منفصلٌ عن الزائد، فكان لا يبعد في القياس التقسيطُ إذا لم يكن سببُ الضمان اليدَ، كما نبهنا عليه. وهذا بمثابة الزيادة على الجلد في الحدّ.
ولنا أن نعتصم بتأديب المؤدب، وتعزير المعزّر؛ من جهة أن الهلاك يحصل بالقدر الزائد، ثم يجب تمام الضمان.
ولم نُبد الاحتمالَ الذي ذكرناه ليكون مذهباً وإنما ذكرناه للتنبيه على وجوه الكلام.
٥٣٠٥ - وإذا تعدّى الأجير في فعله، وزاد على الحد المطلوب، وأتلف العين التي استؤجر لإيقاع الفعل فيها، وجب كمالُ الضمان؛ تخريجاً على هذه القاعدة. ثم الضبط في هذا القبيل يستدعي الربطَ بالخروج عن التقدير، فإذا كان كذلك، وثبت