للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفصل فاصلون بين أن يستعمل التصدّق في معينين يُتصوّر الهبة منهم، وبين أن يستعمله في جهة لا يتأتى تصوير الهبة فيها كالتصدق على المساكين.

٥٦٨١ - وحاصل خلاف الأصحاب يؤول أوّلاً إلى وجهين في استعمال لفظ الصدقة، من غير ذكر الوقف والتحبيس والتسبيل، فمنهم من لم ير استعمال لفظ الصدقة دون الألفاظ الثلاثة؛ من جهة إشعاره بتمليك الرقبة [لا] (١) على جهة الوقف، ومنهم من جوز استعمال لفظ الصدقة مع الاقتران بالقرائن التي ذكرناها.

ثم اختلف هؤلاء في القرائن، فمنهم من شرط أن يقترن بنفي البيع والهبة، على ما جرى الرسم فيه.

ومنهم من اكتفى بأن يُقرنَ بالتحريم والتأبيد، على ما جرى تفصيل الكلام به.

ثم إذا شرطنا الاقتران، فجرّد الصدقةَ، فإن خاطب بلفظها قابلاً متعيناً، فالأصح أنه صدقة بتات، مقتضاها تمليك الرقبة؛ فإنها صريحٌ في الباب.

فأما إذا أضاف اللفظ إلى المساكين وغيرِهم من الجهات العامة، ونوى الوقف، فالنية هل تنزل منزلة القرائن اللفظية؟ اختلف أصحابنا في المسألة، فمنهم من نزّل النية منزلةَ التقييد بالألفاظ، وأقام لفظ الصدقة مقام الكنايات في الطلاق والعتاق، وحكمها أنها تعمل مع النية.

ومنهم من لم يكتف بالنية؛ فإن التصدق صريحٌ في تمليك الرقبة، وإنما فرقنا بين إضافة الصدقة إلى الجهات العامة وبين إضافتها إلى معين يتصور منه القبول، لأنها إذا أضيفت إلى معيّن، تحقق كونها صريحاً في تمليك الرقبة.

فهذا حاصل الكلام في الألفاظ.

وإذا قلنا: التحريم ليس صريحاً، واقترنت النية به، يجب القطع بصحة الوقف؛ لأنه ليس [موضوعاً] (٢) لتمليك الرقبة، وقد انتجز غرضنا من الكلام في الألفاظ.

٥٦٨٢ - فأما القول فيما يصح وقفه، فنقول أولاً: يصح وقف العقار، والمنقول،


(١) سقطت من الأصل.
(٢) في الأصل: صريحاً.