للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويصح وقف الجماد والحيوان. والمتبع أن يكون الموقوف المحبَّس بحيث يثبت له منفعة مقصودة، أو فائدة مقصودة، كالثمار وما في معانيها.

والمنفعة المقصودةُ يضبطها ما يصح استئجارها على شرط ثبوت الملك في الرقبة، فإن الحرّ يؤاجر نفسَه، ولا يصح منه تحبيس نفسه على جهةٍ، أو على أشخاصٍ معينين. ثم على جهةٍ بعدهم.

٥٦٨٣ - واختلف الأصحاب في وقف الدراهم لتزيين الدكاكين، اختلافهم في إجارتها، والأصح منع الوقف والإجارة، والتصحيح أقربُ إلى الإعارة.

ويصح أن يحبس حلياً مباحاً ليتحلى به معينون، ثم بعدهم أيتام، على ما يجري الوقف به.

ويصح وقف عبدٍ صغير، وإن لم يكن منتفعاً به في الحال، لأن الوقف معقودٌ على التأبيد، فلا يضر استئخار الانتفاع من الأول لنقصٍ في المعقود عليه مصيره إلى الزوال. وهذا كتصحيح النكاح على الرضيعة، وإن لم يكن منتفعاً بها في الحال.

والمعنى ما نبهنا عليه.

وألحق الأصحاب بهذا وقفَ الدراهم على أن يصاغ منها حلي، على قولنا بفساد وقف الدراهم على أن تبقى على صفتها، ويكتفى منها بالتزيين، وزعموا أن استئخار صيغة الحلي بمثابة استئخار إمكان الانتفاع والمحبّسُ عبدٌ صغير، أو مُهرٌ صغير.

وهذا فيه بعض النظر؛ فإن المُهرَ والعبد الصغير يصيران من طريق الخلقة إلى إمكان الانتفاع، والدراهم والنّقرة ليست كذلك، [واختيار] (١) إنشاء صوغها افتتاح أمرٍ من طريق الإيثار، ويكاد الوقف أن يكون في حكم المعلّق بما سيكون.

٥٦٨٤ - فأما وقف الكلب المنتفع به، فنقول أولاً: تصح الوصية به، وفي صحة هبته خلافٌ قدمتُه في البيع، ولا شك في امتناع بيعه، وفي صحة إجارته خلافٌ مشهور، ذكرناه في كتاب الإجارة.


(١) في الأصل: والخيار.