للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توجيه القولين: من قال بانقضاء الوقف، استدلّ بأن المتبع فيه شرطُ الواقف، ويبعد أن يثبت فيه مصرِفٌ لم يتعرض له المحبِّس، فإذا انقضى مصرفه المسمّى، واستحال تقدير مصرفٍ، وامتنع استقلال الوقف من غير مصرف، فلا يبقى إلا انقلابُه ملكاً.

ومن قال بالقول الثاني، احتج بأنا لو حكمنا بانقضاء الوقف، لكان ذلك مفضياً إلى تأقيت الوقف. وهذا تغييرٌ لوضعه، وتبديل لحقيقته.

التفريع على القولين:

٥٦٩٢ - إن حكمنا بانقلاب الوقف ملكاًً، فمن ضرورة هذا القول التزام تطرق حكم التأقيت إلى الوقف، وكأن هذا القائل يقول: المرعي في امتناع تأقيت الوقف جانب الموقوف عليه، وهو غير متأقت في حقه، وليس الوقف مما يورث حتى يقال: ليثبت في حق الموقوف عليه ثبوتاً يخلفه فيه وارثه، وليس كالملك في البيع؛ فإن الخلافة ممكنة فيه.

ومن منع هذا، فكأنه يرعى التأبيد في الموقوف [المحبَّس] (١)، فإنه المتقرب به.

وهذا هو الصحيح. فإذا صححنا الوقف، ثم رددناه ملكاًً، فقد التزمنا نوعاً من التأقيت.

٥٦٩٣ - وبنى بعض الأصحاب على هذا القول مسألةً، وهي أن الرجل إذا وقف داراً سنةً، أو سنتين على شخص، أو على جهةٍ من جهات الخير، فهل يصح الوقف؟ المذهب الذي عليه التعويل أنه لا يصح، وإن صححنا الوقف المنقطع الآخر؛ فإن تصحيح ذلك (٢) مقرّب (٣) من حكم التأبيد؛ نظراً إلى الموقوف عليه، وتشبيهاً بالنكاح. فأما التصريح بالتأقيت، فلا اتجاه له.

٥٦٩٤ - وأبعد بعض أصحابنا، فصحح الوقف على هذه الصيغة، وقضى بانتهائه


(١) في الأصل: للحبس.
(٢) تصحيح ذلك: الإشارة إلى الوقف منقطع الآخر.
(٣) (د ١)، (ت ٣): يقرب.