للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا انتهت المدة، وهذا لا يحل الاعتداد به، ولا يسوغ إلحاقه بالوجوه الضعيفة؛ فإنه في التحقيق إلزامُ عاريةٍ، والعارية يستحيل الحكمُ بلزومها؛ فإنها تَرِد على ما يوجد شيئاً شيئاً، فلا تستقر فيه اليد، والتبرعات إنما تلزم بالقبوض، والوقف خُصَّ بالتصحيح، ليستمكن المحبِّس من تأبيد قُرَبِه، فإذا ترك الأصل الذي [بنى الشرعُ الوقفَ عليه] (١)، لم يبق فرقٌ بين العاريّة والوقف.

٥٦٩٥ - فأما إذا قلنا (٢): لا يرتدُّ الموقوف ملكاًً عند انقراض المسمَّيْن، فلا يستقل الوقف دون مصرف. وقد اختلفت الأقوال في مصرِف هذا الوقف، بعد انقضاء الجهة التي سماها الواقف، فكان شيخي يذكر أوجهاً، وأطلق صاحب التقريب الأقوال، ولعل بعضها من تخريجات ابن سريج.

فأحد الأقوال - أن الوقف يُصرف إلى أقرب الناس بالمحبِّس.

والقول الثاني - أنه يُصرف إلى المساكين.

والقول الثالث - أنه يصرف إلى المصالح العامة، وهي مصرف خمس الخمس من الفيء والغنيمة.

وتوجيه الأقوال يستدعي تنبيهاً على مسلكٍ لبعض الأصحاب غيرِ مرضيٍّ، وذلك

أن بعض الأصحاب قال: هذه الأقوال تنزل على قصود الناس في أوقافهم [فمن] (٣)

يصرف إلى أقرب الناس بالمحبِّس يدعي أن هذا هو الغالب في الأوقاف، فكأن الواقف ذكره، وإن لم يصرح به.

والقائل الثاني - يبغي القُربة، وهي إلى سدّ الحاجات أقرب.

والقائل الثالث - يذكر الجهة العامة الحاويةَ لوجوه الخير.

ودوران الطريقة على حمل الوقف على مايظن كلُّ واحد عمومَه عُرفاً في المصارف. وهذا زلل ظاهر، وميلٌ عن المسلك المطلوب.


(١) في الأصل: بين الشرع الوقف، لم يبق.
(٢) عوْدٌ إلى مسألة الوقف منقطع الآخر.
(٣) في الأصل: ومن.