للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٥٦٩٦ - ونحن نقول: إذا ثبت بقاء الوقف، فتلقِّي مصرفه من العرف محالٌ؛ فإنه مضطرب، والظاهر أن الواقف لم يرد تأبيد الوقف، فإن كان المتبع في ذلك حَمْل لفظه على موجب العرف، فلفظه ناصٌّ في التخصيص، فلا معنى لترك موجب لفظه لعرفٍ مختلطٍ، لا ثبات له، ولا اطراد فيه، فالطريقُ في توجيه الأقوال أنا إذا اضطررنا إلى إبقاءِ الوقف، والوقف أُثبت قربةً في الشرع متعلقةً بمصرف، ونحن لم نجد مصرفاً من جهة شرط الواقف، ولا من جهة إرادته، ردَّدنا الظنون في أَوْلى القربات، وأثبتناها على الاختلافِ (١) على خلاف مراد الواقف، فرأينا في قولٍ الصرفَ إلى أقرب القرابات أولى؛ فإن أفضل القربات ما يضعها المرء في القرابات، ويستفيد بها مع التقرّب صلةَ الرحم.

وفي قولٍ: تُعتبر الحاجة؛ فإن سدّ الحاجات أهمُّ الخيرات.

وفي قول: يحمل المصرف على أعم الجهات؛ إذ لا متعلق عندنا في تعيينٍ.

فهذا حقيقةُ هذه الأقوال [والتقرير] (٢) بعدُ أمامنا.

التفريع على هذه الأقوال:

٥٦٩٧ - إن حكمنا بأنه يصرف إلى الأقربين، فقد اختلف أصحابنا، فمنهم من

قال: يصرف إلى المحاويج من الأقربين، فإنا إذا كنا نبغي القربة، فالوجه أن نرعى الحاجة، ثم نعتبرها مع القرابة.

ومن أصحابنا من قال: لا نرعى الحاجة، ثم هؤلاء يكتفون بصلة الرحم، ويضمون إليه أن الوقف الحق (٣) ذخرٌ وعمادٌ للأغنياء إذا افتقروا (٤)، فإن الأموال المعرضة [للانتفاع] (٥) والتصرفات تبيد بالتبذير والصرف، والأوقاف تبقى لامتناع


(١) (د ١)، (ت ٣): وأثبتناها على اختلاف مراد الواقف.
(٢) في الأصل: والتقريب.
(٣) (د ١)، (ت ٣): المحرّم.

(٤) (د ١)، (ت ٣): افترقوا.
(٥) زيادة من: (د ١)، (ت ٣).