للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيعها، وهذا ظاهرٌ في قصود الواقفين على أولادهم، وإن خلفوا عليهم أموالاً.

٥٦٩٨ - ومما اختلف أصحابنا فيه في التفريع على هذا القول: أنا إذا صرفنا إلى الأقرب، راعينا أَوْلى القرابة باستحقاق الإرث، أو أقربهم رحماً؟

من أصحابنا من قال: الأقرب هو الأوْلى بالميراث، فابن العم أوْلى بالوقف من ابن البنت.

والوجه الثاني -ولعله الأصح على حكم هذا التفريع- أن قرب الرحم أوْلى؛ فإن الغرض صلة الرحم، ولا مزيد على قاعدة الشرع؛ [إذْ] (١) حرم الوارثَ وجوهَ المبارّ الواقعةِ وصيةً، وحمله على الاكتفاء بالإرث.

وإن فرعنا على صرف الوقف إلى المساكين، فقد اختلف أصحابنا على ذلك: فمنهم من رأى محاويجَ الجيران أوْلى، ومنهم من لم يفرّق. وتقديم الجيران لا معنى له؛ فإنا إن سلكنا هذا المسلك [وقعنا] (٢) في الصرف إلى محاويج القرابة، وهو القول الأول، فلينتبه الناظر لما يمرّ به.

وينقدح في هذا القول جواز نقل الرَّيْع من مساكين البلدة، ومنعُ ذلك يجري على اختلاف القولين في نقل الصدقات.

وإن فرعنا على الصرف إلى المصالح العامة، لم يتصرف فيه غيرُ الوالي. هذا هو الرأي الظاهر. ولا يبعد عن الاحتمال ردُّ ذلك إلى نظر المتولِّي، إن كان في الوقف متولٍّ. والقول في المتولي في الوقف المنقطع الآخر قد يغمض، على ما سنذكره من بعدُ.

٥٦٩٩ - ومن تمام التفريع أن من رأى الصرف إلى الأقربين، قال: لو انقرضوا، أو لم يكونوا، فالمصرف مردودٌ إلى القولين الآخريْن، وانقراض الأقربين لا يوجب انقطاع الوقف؛ فإنا نفرع على أن الوقف لا ينقطع، وإن انقطعت الجهات التي ذكرها الواقف.


(١) في الأصل: إن.
(٢) في الأصل غير مقروءة.