٥٧٠٠ - ومما نفرعه أيضاًًً أن مَنْ وقف وأقّت، وصرّح بالتأقيت، فقال: وقفت هذا على فلانٍ سنةً، فإذا كنا [لا](١) نصحح الوقفَ المنقطع الآخر، وكنا نرى أن الوقف يتأبّد وراء انقراض ما ذكره الواقف، فإذا وقع التصريح بالتأقيت، فلا شك أن هذا أحرى بالفساد، ولكن إذا صححنا فنثبت وراء الوقف مصرفاً، والقول فيه يختلف، كما تقدم في الوقف غلى الأولاد من غير تعرضٍ للمصرف بعدهم.
٥٧٠١ - ومأخد هذا الذي ذكرناه مع التصريح بالتأقيت أصلٌ عظيم في الوقف، يكاد أن يكون قطباً لشطر المسائل، ونحن نقرره، ونذكر ما فيه، ثم نعود إلى التصريح بالتأقيت، فنقول:
العتق إذا نُجِّز وأُقِّت، نفذ، وتأبد، وإذا شُرط في العتق شرطٌ فاسد، لا على معرض التعليق، لغا الشرطُ، ونفد العتقُ، فمؤقته منفّذٌ مؤبد، ومذكوره على حكم الفساد صحيح، وكذلك القول في الطلاق.
٥٧٠٢ - فأما الوقف، فإنه ينقسم إلى وقفٍ يضاهي التحرير، وإلى وقفٍ يبعد عن مضاهاة التحرير. فأما الوقف الذي يضاهي التحرير، وهو جعل بقعةٍ مسجداً، فهذا النوع لا يفسد بالشرط، ولا يتأقت بالتأقيت، بل يتأبد على الصحة. هذا هو الظاهر، وما عداه مطَّرحٌ، وسيأتي الشرحُ عليه، إن شاء الله عز وجل.
٥٧٠٣ - فأما ما لا يضاهي التحرير، كالوقف على الأعيان، وجهات الخير، فإذا قرن بشرطٍ فاسد أوْ أقّت، لم يخلُ إما أن يكون مما يشترط القبول فيه، وإما ألا يكون شرطاً فيه، فإن لم يكن القبول شرطاً فيه، ففي نفوذه مع الاقتران بالشرط المفسد.
وجهان، وفي تأبده مع تصريحه بالتأقيت وجهان: أحدهما - أنه يُنحى به نحو العتق، فنيفد على موجب الشرع، وينحذف التأقيت، والشرطُ الفاسدُ.
والوجه الثاني - أنه يفسد، ولا ينفذ؛ فإن الوقف مداره على اتباع الشرائط في جهة
(١) في النسخ الثلاث " نصحح " بدون [لا]. وزيادتها تقدير منا على ضوء عبارة الإمام: " فلا شك أن هذا أحرى بالفساد "، فإن أفعل التفضيل يقتضي اشتراك المسألتين في صفة الفساد وعدم الصحة، والله أعلم.