للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وغيرهما وجهان: أحدهما - الجريان على القياس، وقد تقرر أنه عليه السلام كان يتنزه عن فضلاته تنزّهَ غيره. وكان لا يتخصّص عن البشر فيما يتعلق بطهارتي الحدث، والخبث.

والثاني - أنها طاهرة؛ لما روي أن أبا طيبةَ الحاجم شَرِب دم رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُنكر عليه. وقال: " إذاً لا يبجع بطنك " (١)، وشربت أم أيمن بولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إذاً لا تلج النار بطنك " (٢).

وقد يتجه في الخبرين أن يقال: إنما لم يُنكر عليهما، لعلمه بأنهما تداويا بما شرباه، وقد يجوز التداوي بالأشياء النجسة، كما نذكر ذلك في الأطعمة.

فرع:

٣٩ - إذا حكمنا بنجاسة شُعور الآدميين، فما ينتف من اللحية واللِّمّة على العرف الغالب معفوٌّ عنه، وإن كان نجساً كدم البراغيث والبثرات؛ إذ لا يمكن التحرز من انتتافهما.

ثم القول في الفصل بين القليل والكثير فيهما كالقول في دم البراغيث، على ما سيأتي ذكره، ولعلّ القليل من الشعر مما يغلب انتتافه مع اعتدال الحال.

فهذا كافٍ في التنبيه الآن.


(١) حديث "أن أبا طيبة شرب دم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه" قال الحافظ في التلخيص: الظاهر أن صاحب هذه الرواية غيرُ أبي طيبة، بل هو مولى لبعض قريش، وليس صحيحاً أيضاً، وفي رواية أخرى وردت في حق سالم أبي هند الحاجم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " ويحك يا سالم أما علمت أن الدم حرامٌ، لا تعد " وفي إِسناده مقال أيضاً. أما لفظ " إِذاً لا يبجع بطنك " فلم يورده ابن حجر، هنا، ولكنه في بعض روايات حديث أم أيمن الآتي بعده. وأشار الحافظ إِلى رواية للبزار، وابن أبي خيثمة، والبيهقي في الشعب والسنن: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضحك رضاً بشرب الحجام. ولم يتكلم فيها (ر. التلخيص: ١/ ٣٠ ح ١٧، والسنن الكبرى للبيهقي: ٧/ ٦٧).
(٢) حديث أم أيمن له أكثر من رواية ذكرها الحافظ في التلخيص، ووافق ابن دحية أنهما قضيتان وقعتا لامرأتين. وهو حديث ضعيف، من جهة بعض رواته، ومن جهة أن الراوي عن أم أيمن نبيح العنزي، وهو لم يرها. (ر. تلخيص الحبير: ١/ ٣١ ح ٢٠، مستدرك الحاكم: ٤/ ٦٣، ٦٤، المعجم الكبير للطبراني: ٢٥/ ٨٩، ٩٠ ح ٢٣٠، أبو نعيم في الحلية: ٢/ ٦٧، السنن الكبرى للبيهقي: ٧/ ٦٧، نيل الأوطار: ١/ ١٠٦).