٤٠ - فأمّا العظام، فقد قطع الصيدلاني القولَ بأنه يثبت لها حكمُ الحياة، والممات، بخلاف الشُعور، والقُرون، والأسنان، وما أشبهها من العظام.
وكان شيخي يُجري فيها القولين المذكورين في الشعور.
وأبو حنيفة ألحقها بالشعور؛ فنفى حكم الحياة عنها (١).
وسبب هذا التردد في العظام، أن الناس يعتقدون أن العظام تألم كسائر أجزاء الحيّ بخلاف الشُعور. والشرع يُبنى في أمثال ذلك على معتقد الناس. وهي أيضاً تتعرض للبلى والعفن والإنتان بالموت.
وهذا سبب اقتضاء الموت للنجاسة.
والذي يحقق ذلك أن الأصحاب أجمعوا على أن وَدَك عظم الميتة نجس، وقد كان طاهراً في حياة الحيوان المأكول، فلو لم ينجس العظم بالموت، لما تنجس الوَدَك الذي فيه؛ فإن الوَدَك لا يتصف بموتِ ولا حياة.
وهذا من لطيف الكلام.
وقد بَقَّيتُ فيه مضطرَباً لفكر الفقيه، واقتصرت على التنبيه.
ثم من حكم بطهارة عظم الميتة، فيمنع صب شيء رَطب فيه؛ لما فيه من الدسم، فإن أمكن استخراجه بحيلةِ، فيجوز إذ ذاك.
فصل
٤١ - الحيوان المأكول اللحم إذا ذكي، فلا شك في طهارة لحمه وعظمه؛ إذ لا خلاف في تحليلهما، وكذلك لا خلاف في طهارة جلده بالذكاة، قال أئمتنا: المُذكَّى في الحِسّ مَيتةٌ، وهو معرض للتغيّر على ما تقدّم، ولكن أباح الله اللحوم من الحيوانات الطيبة؛ ليتقوّى بأكلها الناس.
وكان لا يبعد عن القياس إبقاء جُلودها على قياس جُلود الميتاتِ، ولكنّها مأكولةٌ
(١) ر. رؤوس المسائل: ٩٩ مسألة: ٦، الهداية مع فتح القدير: ١/ ٨٤، حاشية ابن عابدين: ١/ ١٣٨.