للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوجهٍ من النظر، فإن استوت عنده جهات النظر، فليس إلا التخيّر.

٦٠٤٦ - ثم اختلف الفقهاء في أن من أنفق على لقيطٍ لا مال له، أوعلى فقيرٍ مضطر بالغٍ بأمر الإمام، ولم يقصد التبرعَ بما يخرجه فهل يجد مرجعاً، أم لا؟ فذهب طائفة من المحققين، وإليه مَيْلُ القاضي: أنه لا يجد مرجعاً.

وذهب آخرون إلى أنه يرجع؛ فإن وجوب الإنفاق لا يُسقط حقَّ الرجوع بالقيمة؛ فإن من كان يملك طعاماً فاضلاً عن حاجته، وصادف مضطراً مشرفاً على الهلاك، فعليه تسليمُ الطعام إليه بالقيمة، فليكن الأمر فيما نحن فيه كذلك.

والوجْه في هذا عندنا أن المضطر الذي لا يملك الطعامَ، ولا يقدر على التوصّل إليه إذا كان له مالٌ، فصاحب الطعام يُطعمه بالقيمة، كما أطلقه الأصحاب، فأما من لا يملك شيئاً، وظهر افتقاره، واضطرارُه، فهو عيالٌ على المسلمين، ولكن مرجعه إلى بيت المال إن كان في بيت المال، مالٌ، فإن لم يكن في بيت المال مال، وحَكَمَ الإمامُ مجتهداً، أو على حكم [التخيّر] (١) على من يرى، فأنفق عليه، فلا مرجع للمنفِق على الفقير إذا أيْسر، ووجدَ وفاءً.

ولكن هل يثبت له الرجوع على بيت المال إذا وُجد فيه مال في الاستقبال؟ هذا مختلفٌ فيه، ولعلنا نقرر من ذلك طرفاً صالحاً عند ذكرنا أحكام القضاة والولاة، وما لهم وعليهم.

٦٠٤٧ - ثم إذا دفع القاضي مالَ الطفل اللقيط إلى ملتقِطه لينفق عليه، فالقول قول المنفق فيما ادّعى إنفاقَه مع يمينه إن حلّفه اللقيطُ بعد بلوغه.

وهذا إذا ادّعى قصداً أو أمراً وسطاً معروفاً في الإنفاق. وإن ادعى مزيداً على المعروف، لم يحلَّف، وكان مُقرّاً على نفسه بالعُدوان، فيلتزم الضمان، ولا معنى لتحليفه إلا أن يقع النزاع في عينٍ من أعيان المال (٢)، فالقول قوله: إني أخرجتها، وإن كان يلتزم لأجل السَّرف ضمانَها.


(١) في الأصل: (التخيير) والمثبت من (د ١) وحدها. وهو الصواب إن شاء الله.
(٢) أي فيحلّف على أنه أخرج العين محل النزاع.