قال:" لو وجده رجلان؛ فتشاحّا فيه، أقرعتُ بينهما ... إلى آخره "(١).
٦٠٥٠ - تعرّض الشافعي لازدحام الملتقِطَيْن، وتنازعهما في حق الحضانة.
والقول في تحقيق ذلك يستدعي تقديم صفات من هو من أهل الالتقاط، ومن ليس أهلاً له، ونحن نوضح ذلك، ثم نبني عليه تقدير الاجتماع؛ حتى نبيّن أن من لا يكون من أهل الالتقاط، ليس من أهل الزحمة، وإنما تُفرض الزحمة بين شخصين كل واحد منهما من أهل الالتقاط.
فنقول: الحر الأمين المسلم من أهل الالتقاط. وذكْرُنا الحرَّ يُخرج العبدَ، والأمين يخرج الفاسق، والمسلم يخرج الكافر من الضبط الجامع.
والمبذرُ -وإن كان عدْلاً في دينه- ليس رشيداً، ولا يأتمن الشرعُ من لا يتصف بالرشد.
أما العبد، فليس من أهل الالتقاط؛ فإنه لا يتفرغ إلى حضانة اللقيط، ومنفعتُه مستغرقةٌ بحق مولاه، فإن أَذِن له السيد في التقاط منبوذٍ، فالسيد هو الملتقط، فيعود النظر إلى صفته.
وأما الفاسق، فليس من أهل الالتقاط، وإن التقط، وشعر الحاكم به، انتزع اللقيطَ من يده. فأما المستور، فقد قدّمنا فيه قولاً بالغاً، فلا حاجة إلى إعادته.
وأما ذكرنا المسلم، فنقول: إن كان اللقيط محكوماً بإسلامه على ما سنذكر تفصيل ذلك في الفصل الذي يلي هذا الفصل -إن شاء الله تعالى- فليس الكافر من أهل التقاطه، ولو التقطه انتزع من يده. وإن كان اللقيط كافراً، فالكافر من أهل التقاطه، والمسلم أيضاًً.
والمعسر من أهل الالتقاط؛ فإن الحضانة تتأتى منه، والإنفاق سبيله ما قدّمناه في الفصل المقدم.
٦٠٥١ - ومما نقدمه على الخوض في الازدحام أن نقول: من التقط لقيطاً في