للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن راعى النسب، وجب أن يعتبر اختلاط أولئك المنتقلين بأهل البلدة، واختلاط أهل البلدة بهم، فإن كان الأمر كذلك، فلا يخفى النسب، وأهل البريّة في الصورة التي ذكرناها بمثابة محلّةٍ من بلدةٍ في المعنى الذي نطلبه من أمر النسب. وإن كانوا لا يكثرون الاختلاط بأهل البلدة، فيوشك أن يمنع من هذا الانتقال مَنْ يعتبر معنى النسب. والله أعلم.

٦٠٥٤ - ولو وجد لقيطاً في البادية، فأراد أن ينقله إلى قطرٍ آخر من البادية، فللقبائل في البوادي سنّةٌ في [التعارف] (١) والاعتناء بالأنساب، ولا حاجز.

ومن راعى عسر المعيشة، فلا عسر، ومن راعى أمر النسب، فلا ضرار عليه.

وهذا إذا وقعت القبائل موقعاً لا ينقطع عن بعضها أخبار البعض.

فأما إذا نأت المسافاتُ وتقاذفت الديار، فالمسافة البعيدة حائلة، فيتحقق عند ثبوتها ما أشرنا إليه من أمر النسب.

فهذا تفصيل القول في النقل الجائز والنقل الممتنع.

فإذا ثبتت هذه المقدمات، عدنا بعدها إلى تفصيل القول في اجتماع الملتقطين على لقيطٍ واحد، فنقول:

٦٠٥٥ - إذا اجتمع حرّ وعبد، فليس هذا من الازدحام في شيء؛ فإن العبد ليس من أهل الالتقاط. وهذا إذا انفرد دون إذن مولاه، فإن كان بإذنه، فالنظر في السيد، والملتقط الآخر.

وإذا اجتمع مسلم وكافر على لقيطٍ محكوم له بالإسلام، فليس هذا من الازدحام الذي نعنيه؛ فإن الكافر ليس من أهل التقاط المسلم.

وكذلك إذا اجتمع عدل وفاسق.

فإذا اجتمع فقير وموسر، فالموسر أولى إن كان يغلب على الظن ضيق معيشة الفقير واشتغاله [بجمع] (٢) قوته عن القيام بحق الحضانة على كماله.


(١) في الأصل: التقارب.
(٢) في الأصل: بجميع.