للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا الوجه الثاني، فلا ينقدح له وجه إلا على التقدير الذي أذكره فأقول: من التقط لقيطاً، واحتضنه، فهو في حكم الخائض في فرض الكفاية، ومن لابَس فرضاً من فروض الكفاية، وكان متمكناً من إتمامه، فأراد الإضراب عنه، فقد نقول: ليس له ذلك، ويصير فرضُ الكفاية بالملابسة متعيّناً.

وهذا فيه نظرٌ وتفصيلٌ، وسأذكره في أحكام فروض الكفايات من كتاب السّير، إن شاء الله تعالى.

٦٠٥٩ - وعلى هذا التقدير لو انفرد الرجل بلقط المنبود واختص بحضانته، فلا شك أنه يحرم نبذه وردُّه إلى ما كان عليه أولاً، ولكن هل يجوز له أن يدفعه إلى القاضي حتى يسترده منه، [فيقيمَ] (١) غيرَه مقامه؟ فيه تردد مأخود من كلام الأصحاب والمسألة مفروضةٌ فيه إذا لم يكن به عجزٌ عن القيام بحق الحضانة.

٦٠٦٠ - والسرّ في ذلك موقوف على المباحثة عن مراتب فروض الكفايات، وذكر ما يتعين منها بالملابسة وما لا يتعين، وما يضطرب الرأي فيه.

وهذا الذي نحن فيه مما اضطرب فيه علماؤنا، فإذا ثبت ذلك، بنينا عليه صورة الازدحام، وقلنا: إن رأينا على المنفرد بالالتقاط ألا يترك الحضانة ما وجد إليها سبيلاً، فإذا ازدحم رجلان، ثم أعرض أحدهما، ففي المُعرض وجهان: أحدهما - أنه لا يُترَك [و] (٢) الإعراضَ، كما ذكرناه في المختص بالالتقاط. والثاني - له الإعراض؛ فإنه لم يثبت له حقٌّ خالص، بل كانت الحضانة متنازعةً بينه وبين مزاحمه.

وقد أوضحنا أنه لا يتصور ثبوت حق الحضانة لهما جميعاً على الاشتراك، فإذا ترك أحدهما حقه، لم يكن تاركاً حقّاً مستقراً.

ثم الذي يقتضيه القياس في التفريع على هذا الوجه أن القاضي يقول لهذا التارك: ليس لك إخراجُ نفسك من البين، ولكن يُقرَع بينكما، فإن خرجت القرعة في الحضانة لك، فالتزمها وتمّمها، كما لو كنت منفرداً باللّقْط، وإن خرجت القرعةُ لصاحبك،


(١) في الأصل: أو يقيم.
(٢) الواو للمعية. ثم هي ساقطة من نسخة الأصل وحدها.