للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرع:

٨٦ - غَسل الوجه ثلاثاًً مأمور به؛ والفرض غسلةٌ واحدة، إن استوعبت الوجه، والثانية والثالثة سنة.

فلو أغفل المتوضىء لمعةً في الغسلة الأولى، واعتقد أنه استوعب الوجه بها، فغسل ثانية وثالثة على اعتقاد السنة، واستوعب، ففي سقوط الفرض وجهان مشهوران، وهما مرتبان على وجهين، سبق ذكرهما فيمن نسي نية رفع الحدث، وأدى بقيةَ الطهارة على قصد التبرد. وسقوطُ الفرض فيما ذكرناه في الغسلة الثانية أوجَهُ، من جهة أن نية الوضوء مشتَملةٌ، فليست منسيةً، وهو إنما قصد السنة قصداً مبنياً على أن الأُولى استوعبت، وأما إذا نسي النية قُربةً، وجرد قصدَ التبرد (١)، فليس للنية في ذكره جريانٌ أصلاً.

فرع:

٨٧ - إذا شك، فلم يدْرِ أغسل مرتين أو ثلاثاً، فالذي ذكره شيخي في تصنيفٍ له يسمى "التبصرة" أنه يقتصر على ما جرى منه (٢)، فإنه إن غسل مرة أخرى، كانت مترددة بين الرابعة -وهي بدعة-، وبين الثالثة، وتركُ السنة أهون من اقتحام البدعة، وليس كالمصلي إذا شك في أعداد ركعات الفريضة؛ فإنه يأخذ بالأقل؛ حتى يستيقن أنه قد أدى الفرض، والمشكوك فيه ليس بفرضٍ هاهنا.

وقال غيره: إذا شك، غسل غسلة أخرى؛ فالبدعة اعتمادُ غسلةٍ رابعة من غير سبب يقتضيه، وإذ ذاك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من زاد، فقد أساء وتعدّى وظلم " (٣)، على أن الغسلة الرابعة وإن كانت مكروهة، فليست بمعصية. وقوله:


(١) في (م): نسي النية مع وجود قصد التبرد.
(٢) التبصرة: ٢٦٤. بتحقيق محمد بن عبد العزيز بن عبد الله السديس - مؤسسة قرطبة - الهرم - مصر ١٤١٣ هـ-١٩٩٣م.
(٣) حديث " من زاد فقد أساء ... " رواه النسائي بهذا اللفظ، في قصة أعرابي جاء يسأل عن الوضوء، فأراه النبي صلى الله عليه وسلم الوضوء ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: " هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء وتعدى وظلم ". ورواه أبو داود وابن خزيمة وابن ماجة، كلهم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه. قال الحافظ: رووه مطولاً ومختصر من طرق صحيحة.
(ر. النسائي: الطهارة، باب الاعتداء في الوضوء، ح ١٤٠، أبو داود: الطهارة، باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاًً، ح ١٣٥، ابن خزيمة: ١/ ٨٩ ح ١٧٤، ابن ماجة: الطهارة، باب =