للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

[في كيفية الاستنجاء] (١)

١٣٠ - فأما القول في كيفية الاستنجاء، فهاهنا ينبغي أن يتثبّت الناظر.

فإن أراد القاضي حاجتَه أن يستعمل الماء، فالمرعيُّ فيه إزالة العين والأثر، كما يُعتبر ذلك في إزالة النجاسات كلِّها عن مواردها.

فأمّا إذا أراد الاقتصارَ على الأحجار، فمما يجب الاعتناءُ به أن الاقتصار خارج عن قاعدة إزالة النجاسة؛ فإن إزالة أثر نجاسة البلوى ممكن، لا تعذُّر فيه، وقد يكون استعمالُ الأحجار أعسر من استعمال الماء، وليس ذلك على قياس الأبدال، التي يتوقف الأمر فيها على إعواز المبدلات، كالتراب في التيمم مع الماء، وإلا لم يجز الاقتصار على الأحجار عند وجود الماء، وليس ذلك معفوّاً عنه أيضاً، إلحاقاً بما يعفى عنه من دم البراغيث والبثرات وغيرها، وليست نجاسة البلوى متواصلةً كدم الاستحاضة.

١٣١ - وقد ذهب أبو حنيفة (٢) إلى أن النجاسة معفوٌّ عنها، واعتقد الاستنجاء أدباً، ثم تعدّى من بعد ذلك إلى تقدير المعفوّ عنه من النجاسة بقدر درهم، أخذاً من نجاسة البلوى، وإنما حمله على ذلك خروج الأمر في هذه النجاسة عن قواعد الإزالات والرخص كلها، [بدليل جواز الاقتصار على الأحجار] (٣)، وهذا غلطٌ ظاهر؛ فإنا على اضطرارٍ نعلم أن الذين كانوا يقتصرون على الأحجار، كانوا يستنزهون عن مثاقيل الذرّ من النجاسة على أبدانهم وثيابهم، ولا يشكّ ذُو فهمٍ أنهم لم يُجروا سائر


(١) زيادة من المحقق، بناء على قول الإِمام في أول الموضوع: إِنه يقع في فصول أربعة.
(٢) ر. بدائع الصنائع: ١/ ١٨، الهداية مع فتح القدير: ١/ ١٨٧، رؤوس المسائل: ١٠٦ مسألة: ١٣، حاشية ابن عابدين: ١/ ٨٤، ٢١٠، ٢٢٣، ٢٢٤، ٢٢٦.
(٣) ما بين المعقفين مقحم بين سطور الأصل، مع إِشارة نسخة أخرى، وبدون تحديد مكانه في النص، فوضعناه حيث قدرنا استقامة الكلام معه، وهو ساقط من (م)، (ل).