للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رأى الشافعي أن ذلك منسوخ؛ لما روي "أنه عليه السلام في أواخر عمره أكل كتف شاةٍ مشوية، ثم صلّى، ولم يتوضأ" (١)، واختلف الأئمة في أن الوضوء المأمور به أولاً كان وضوء الصلاة، أو غسل اليدين، فقال بعضهم: كان [يجب] (٢) وضوء الصلاة، وقال بعضهم: الوضوء المأمور به في ابتداء الأمر غسل اليدين، قال النبي عليه السلام: " الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر، وبعده ينفي اللمم " (٣) أراد غسل اليدين.

فصل

١٦٩ - قال الأئمة: من استيقن الوضوء، وشك في الحدث، فله الأخذ بالطهارة استصحاباً لها، واليقين السابق مستصحب، غير متروك بشك الحدث، ولو تيقّن الحدثَ، وشك في الوضوءِ بعده، فهو محدث تمسّكاً باليقين، واستدل الشافعي على تمهيد ما ذكرناه بما روي عن النبي عليه السلام أنه قال: "إن الشيطان ليأتي أحدَكم وهو في الصلاة، وينفخ بين إليتيهِ، ويقول: أحدثتَ أحدثت، فلا ينصرفنّ حتى يسمعَ صوتاً، أو يجد ريحاً" (٤).


(١) حديث "أكل كتف شاةٍ مشوية ... " رواه البخاري ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وابن خزيمة وابن حبان، مع اختلاف يسير في اللفظ. (ر. البخاري: كتاب الوضوء: باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق، ح ٢٠٧، ٢٠٨، وباب من مضمض من السويق ولم يتوضأ، ح ٢١٠، ومسلم: كتاب الحيض، باب نسخ الوضوء مما مست النار، ح ٣٥٤، ٣٥٥، تلخيص الحبير: ١/ ١١٦ ح ١٥٥).
(٢) في الأصل: تحث. بهذا الإعجام. وواضح أنه تصحيف، وصدقتنا (م)، (ل).
(٣) حديث " الوضوء قبل الطعامَ ... " بهذا اللفظ في مسند الشهاب عن موسى الرضا عن آبائه متصلاً، وعند أبي داود والترمذي عن سلمان: "بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده" (ر. مسند الشهاب، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي: ١/ ٢٠٥ ح ٣١٠، وفيض القدير: ٦/ ٣٧٦ ح ٩٦٨٣).
(٤) حديث "إِن الشيطان ليأتي أحدكم ... " قال الحافظ: تبع الرافعي فيه الغزالي، والغزالي تبع الإمام، وكذا ذكره الماوردي، وقال ابن الرفعة في المطلب: " لم أظفر به يعني هذا الحَديث" ا. هـ كلام ابن الرفعة. وقد ذكره البيهقي في الخلافيات عن الربيع عن الشافعي، =