للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو علي وجهين في هذه الصورة: أحدهما - أنه لا يعتِق ولدُها، وهو المذهب المبتوت الذي يبعد عن القياس غيرُه؛ فإنا إن قلنا في صورة الإطلاق: يعتِق الولدُ لاشتمال الاسم على الحمل، فهذا لا يتحقق مع التصريح باستثناء الحمل، وقد ذكرنا أن السريان لا سبيل إلى الحكم به في حق الميت.

والوجه الثاني - أن الولد يعتِق، وإن استثناه إذا اتسع الثلث، كما سنصف التفصيل فيه -إن شاء الله- ووجهه أن الحمل بمثابة عضو من الأم في قواعدَ، أَوْلاها بذلك العتقُ، لما له من السلطان، فاستثناؤه ينزل منزلة استثناء عضو منها، بعد توجيه العتق عليها، مثل أن يقول: أعتقت هذه إلا يدها.

ولو قال لجاريته الحامل بولد رقيق في مرض موته: أنت أو حملُك حر، فردّد العتقَ بين الأم وبين الولد، قال الأئمة: نقرع بعد موته بين الحمل وبين الأم؛ فإن خرجت القرعة على الحمل عتَق واقتصر العتق عليه؛ فإن المذهب الأصح الذي نقله المعتبرون أن العتق لا يسري من الحمل إلى الأم بخلاف الأعضاء؛ فإن المالك لو وجه العتقَ على عضو من مملوكه، عتق المملوك، كما سيأتي مشروحاً في كتاب الطلاق، إن شاء الله تعالى - فإن خرجت القرعة على الأم عَتَقت.

والمسألة مفروضة فيه إذا كان الثلث يسع الأم والولدَ جميعاً معاً، فإذا عتقت والثلث يتسع (١)، فهل يعتق الحمل؟ فعلى الوجهين اللذين ذكرناهما فيه إذا أوصى بإعتاق الأم واستثنى الولد، وذلك أن ترديد العتق بين الأم والولد يتضمن ألا يجمع العتق فيهما. فإن قلنا: الحمل لا يعتق، فوجهه اتباع قول المريض، وإن قلنا: إنه يعتق، فوجهه تنزيله (٢) منزلة عضوٍ من الأم في العتق الغالب، وهذا يقتضي أن يسري العتق من الحمل إذا وجه عليه إلى الأم، كما ينفذ العتق الموجه على طرف من أطراف المملوك، ولم يصر أحدٌ من أئمة المذهب إلى ذلك، إلا الشيخ أبو بكر الطوسي (٣)


(١) (س): متسع.
(٢) (س): بين منزلة.
(٣) الشيخ أبو بكر الطوسي، هو محمد بن بكر بن محمد أبو بكر الطوسي النَّوْقاني كان إمام أصحاب الشافعي بنيسابور، كان إمام العلم والعمل، عرف بالتقوى والزهد، والرغبة عن =