للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الأئمة: لو عرض العينَ الموصى بها على البيع، كان ذلك رجوعاً منه، وإن لم يبعها، وكذلك قالوا: لو وكل ببيعها، كان ذلك بمثابة العرض على البيع، فلعله أظهر في الدلالة على قصد الرجوع.

ولو رهن، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أنه يكون رجوعاً؛ فإن مقصود الرهن بيعُ المرهون في الدين، فلا ينحط الرهن عن العرض على البيع.

والوجه الثاني - أن الرهن لا يكون رجوعاً؛ فإن [الذي] (١) يُضمر إبقاء الوصية قد [يرهن] (٢) الموصى به لحاجة [باديةٍ] (٣) مع إبرامه العزم على فك الرهن، فليس الرهن إذاً من علامات الرجوع، وليس كذلك العرض على البيع؛ فإنه تحكُّمٌ خاص في الدلالة على البيع القاطع للوصية.

ولست أرى في الرهن فرقاً بين أن يتصل بالإقباض وبين ألا يتصل به؛ فإنه إنما يكون رجوعاً -إذا كان- لدلالته على القصد، وهذا لا يختلف بوجود الإقباض وعدمه.

ولو وهب العين الموصى بها، يجب القطع بكون ذلك رجوعاً؛ فإن الهبة عقد تمليك، وظهور القصد كافٍ، ثم لا يتوقف حصول الرجوع على الإقباض، وذكر بعض الناقلين خلافاً في الهبة قبل القبض، وهذا مما لا نستجيز عدَّه من المذهب.

وإذا رأينا العرض على البيع رجوعاً، فإذا جرى البيع على شرط الخيار، لم يسترب الفقيه في كونه رجوعاً، وإن فسخ العقد، وسرُّ هذا الفصل أن [مبنى] (٤) الوصية على تقدّم الإيصاء على القبول بزمانٍ متطاولٍ، والعقود التي ينبني انعقادها على الإيجاب والقبول المتصلين لو تخلل [بينهما] (٥) قاطع، لقضينا بانقطاع الإيجاب عن


(١) في الأصل: الذين.
(٢) في الأصل: رهن.
(٣) في الأصل: بإذنه.
(٤) في الأصل: معنى.
(٥) في الأصل: فيهما.