للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صرورةً، فالحج يقع عن الأجير، وفي نفي استحقاق الأجرة اتفاقٌ بين الأصحاب، فلا أجرة، ولو صح الاستئجار على الحج، فأحرم الأجير عن مستأجِره على الصحة، ثم صرف الحجةَ إلى نفسه ظاناً أنها تنصرف إليه، وقضى المناسك على هذا القصد، ففي استحقاق الأجرة قولان، فجعل الأصحاب استحقاق السهم مع فساد الإجارة على خلافٍ، ولا شك أن هذا التردد يترتب على أن الإجارة على الجهاد، ولو صحت [من] (١) الإمام، فهل يستحق المجاهد السهمَ مع استحقاق الأجرة؟ وفيه الخلاف المقدم.

فإن قلنا: إنه يستحق الأجرة والسهمَ، فإن لم يستحق الأجرة لفساد الإجارة، فلأن يستحق السهم أولى، وإن قلنا: المستأجر على الصحة إذا استحق الأجرة لا يستحق السهم، فالمستأجر على الفساد إذا لم يستحق الأجرة، فهل يستحق السهم؟ وفيه الخلاف الذي ذكرناه. والمذهب أنه يستحق.

٧٧٦٤ - ومما يتعلق بأطراف الكلام في ذلك أن الواحد من المسلمين إذا استأجر من يغزو، ولم يقصد وقوع الغزو عنه، وإنما قصد إقامة هذا الشعار وتحصيلَ هذا الخير وصرف عائدته إلى الإسلام، ففي جواز الاستئجار من آحاد المسلمين وجهان (٢) مبنيان على جواز الاستئجار على الأذان من آحاد المسلمين، وكل ذلك يأتي مستقصىً، إن شاء الله عز وجل - في أول الصداق.

فرع:

٧٧٦٥ - قال صاحب التلخيص: إذا كان في أيدي الكفار أسير من المسلمين، فلما قاتلناهم، وانكشف القتال وانحازت كل فئة، قال: "فلو أفلت أسيرٌ بعد ذلك، فهل يستحق السهمَ؟ فعلى قولين" (٣). فصوّر إفلات الأسير بعد انقضاء القتال، وهذا مأخوذ عليه عند جماهير الأصحاب؛ فإن التردد فيه إذا أفلت


(١) في النسختين: عن.
(٢) جزم النووي بعد الجواز، "لأنه إن لم يكن الجهاد متعيناً عليه، فمتى حضر الصفَّ، تعين، ولا يجوز أخذ الأجرة عن فرض العين" (ر. الروضة: ١٠/ ٢٤٠).
(٣) ر. التلخيص: ٤٦١.