للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاهلية ولا إسلام، وشبك بين أصابعه" (١). فأبان أن سبب اختصاصهم دون الذين هم في درجتهم من القرابة، ما كان منهم من موافقة بني هاشم في الجاهلية والإسلام وهؤلاء هم الذين حرموا الصدقة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم سهمهم من خمس الغنيمة والفيء، ويقول: "إنّ الله قد أغناكم عن أوساخ أموال الناس بما أعطاكم" (٢).

ثم أجمع أئمتنا في الطرق أنهم يستحقون سهمهم، كانوا أغنياء أم فقراء، وهذا كما أن استحقاق الورثة للميراث لا يتخصص بالفقراء المحاويج، بل يستوي في استحقاقه الغني والمحتاج، كذلك هذا.

وكذلك أجمع الأصحاب على أن سهمهم مصروف إليهم على التفاوت بين الذكر والأنثى، فللذكر سهمان وللأنثى سهم، وهذا محتوم؛ فإن سبيله سبيل الميراث، وهذا السهم مصروف إليهم صرف التركة أو صرف باقيها (٣) إلى الذكور والإناث من العصبة. ولا يجوز تفضيل البعض إلا من جهة الذكورة والأنوثة كما نبهنا عليه، فأما التفضيل بسائر الفضائل والمناقب، فلا سبيل إليه. فإن قيل: صح أن رسول الله


(١) حديث: قرابة بني هاشم وبني المطلب رواه البخاري، والشافعي، وأحمد، وأبو داود، والنسائي، قال البرقاني: وهو على شرط مسلم هكذا قال الحافظ في التلخيص: ٣/ ٢١٦ ح ١٤٦٢. وانظر (البخاري: كتاب المغازي، باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام، ح ٣١٤٠، وطرفاه في: ٣٥٠٢، ٤٢٢٩، وترتيب مسند الشافعي: ٢/ ١٢٥، ح ٤١١، ٤١٢، ومسند أحمد: ٤/ ٨١، ٨٣، ٨٥، وسنن أبي داود: كتاب الخراج والإمارة والفيء، باب: في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى، ح ٢٩٧٨، ٢٩٧٩، ٢٩٨٠، والنسائي: كتاب قسم الفيء، ح ٤١٣٧).
(٢) حديث "إن الله قد أغناكم عن أوساخ الناس" رواه مسلم من حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، في قصة طويلة، بلفظ: "إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمدٍ، ولا لآل محمد" (صحيح مسلم: كتاب الزكاة، باب ترك استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، ح ١٠٧٢) قال الحافظ: وفيه عند أبي نعيم في معرفة الصحابة من حديث نوفل بن الحارث: "إن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم" (ر. التلخيص: ٣/ ٢٣٨ ح ١٥٠٣).
(٣) باقيها: أي باقي التركة، بعض أصحاب الفروض.