للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم أعطى بعضهم مائة وسق وبعضهم أقل، وفاضل بينهم (١). قلنا: كان السبب أن بعضهم كان ذا أولاد بخلاف البعض، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه ونصيب أولاده (٢).

هذا قولنا في سهم ذوي القربى، وإن كان ذلك يقتضي التوريث بالعصوبة، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي سهم ذوي القربى الأجداد والأحفاد، فلا مزيد على ما صح النقل فيه.

٧٧٧٨ - فأما اليتامى، فهم يتامى المسلمين الذين لا آباء لهم، وأما المستحقون ما كانوا أطفالاً، إذ لا يُتْمَ بعد البلوغ. ولا نفضّل في هذا الصنف ذكراً على أنثى.

واختلف أصحابنا في أنّا هل نشترط فقرهم؟ فمنهم من لم يشترط، وجعل الأيتام من المسلمين مستحقين لهذا السهم من الخمس، وإن كانوا أغنياء. ومن أئمتنا من قال: إنهم يستحقون إذا احتاجوا، ولا يستخقون إذا استغنَوْا (٣). وهذا القائل يزعم أن اليتم


(١) هذه تكاد تكون عبارة الشافعي، إذ قال في الأم: "وأخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع عن الزهري عن ابن المسيب عن جبير بن مطعِم قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، ولم يعط منه أحداً من بني عبد شمس، ولا بني نوفل شيئاً، فيعطي جميع سهم ذي القربى حيث كانوا لا يفضِّل منهم أحداً حضر القتال على أحدٍ لم يحضره إلا بسهمه في الغنيمة، كسهم العامة، ولا فقير على غني، ويعطى الرجل سهمين والمرأة سهماً، ويعطي الصغير منهم والكبير سواء، وذلك أنهم إنما أعطوا باسم القرابة، وكلهم يلزمه اسم القرابة.
فإن قال قائل: قد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضهم مائة وسق وبعضهم أقل؟ قال الشافعي: فكل من لقيت من علماء أصحابنا لم يختلفوا فيما وصفتُ من التسوية بينهم، وبأنه إنما قيل: أعطى فلاناً كذا لأنه كان ذا ولد فقيل أعطاه كذا، وإنما أعطاه حظه وحظ عياله" ا. هـ (الأم: ٤/ ٧١).
(٢) خبر القسمة لسهم ذوي القربى، المشار إليه، وإعطاء بعضهم مائة وسق، وبعضهم أقل، المراد به قسمة سهمهم من خيبر، أورده ابن إسحاق في السيرة، وفيه: " ... ولعلي بن أبي طالب مائة وسق، ولعقيل بن أبي طالب مائة وسق وأربعين وسقاً، ولبني جعفر خمسين وسقاً ... ولأم الزبير، صفية بنت عبد المطلب أربعين وسقاً ... قال ابن هشام: قسمه على قدر حاجتهم، وكانت الحاجة في بني عبد المطلب أكثر، ولهذا أعطاهم أكثر". (السيرة النبوية لابن هشام: ٣/ ١١٨٠).
(٣) هذا هو المشهور، وقيل الصحيح. (ر. الشرح الكبير: ٧/ ٣٣٣، الروضة: ٦/ ٣٥٦).